مقطع كانت سمر تخرج مع أمها للتنزه في الحديقة لمشاهدة الحيوانات، وعندما أحست أمها أن لديها رغبة في تربية السلاحف قامت بشراء سلحفاة لها، ولكن سمر قامت بمعاملة السلحفاة بقسوة! وعندما نامت، حلمت أن السلحفاة تريد أن تخرج من بيتها لتعيش في الغابة؛ بسبب سوء المعاملة، وعدم الرفق بها، ولكن سمر استيقظت من النوم وندمت على ما فعلت، وطلبت من السلحفاة البقاء معها في البيت. سمر تحب الحيوانات؛ فكانت أمها تصحبها من وقت لآخر في جولة إلى حديقة الحيوانات، وهناك كانت سمر تقضي وقتا ممتعا؛ تطعم الغزالة، وتركب الفيل، وتلاعب القرود؛ فهي تحب أن ترى بيت الأسود، وتذهب إلى بيت النمور. عند بيت السلاحف، وقفت سمر مبهورة وقتا طويلا، فكانت تتعجب حين ترى السلحفاة، فهي الحيوان الوحيد الذي يحمل بيته فوق ظهره، وتحب أن تتابع حركتها البطيئة وتلاحظها، وتلقي إليها بعضا من طعامها. سألت سمر الحارس عن السلاحف أسئلة كثيرة، مثل: ما أنواعها؟ ماذا تأكل؟ رد الحارس: السلاحف أنواع كثيرة؛ منها نوع يعيش في الماء، ومنها نوع يعيش في البر، ومنها ما يمكن أن ينمو داخل البيت، وقال أيضا: أما السلاحف التي تنمو في البيت فتأكل الخس والخيار، وأوراق الأشجار الخضراء. فرحت سمر وفكرت بأنه يمكنها أن تربي سلحفاة معها في منزلها. الآن عرفت معلومات كثيرة عن السلاحف، كما عرفت أنها تبيض ولا تلد. رأت أم سمر رغبة ابنتها في تربية واحدة من هذه السلاحف، فاشترت لها سلحفاة على أن تعتني بها وترعاها. بدأت سمر تعتني بالسلحفاة؛ تطعمها وتسقيها، كما أعدت لها صندوقا من الكرتون، فرشته بقطع القماش لتستريح فيه السلحفاة، وتبيت فيه ووضعت الصندوق بجوار سريرها حتى لا تفارقها السلحفاة الحبيبة. لكن هل ستبقى سمر على حالتها، تهتم بسلحفاتها؟ راحت سمر تلون لوحة لتعلقها في حجرتها الصغيرة، فبدأت ترسم وتلون حديقة جميلة فيها أشجار عالية، وأزهار مختلفة الألوان وزاهية. في هذا الوقت، كانت السلحفاة تجاور سمر وكأنها تراقبها وترى ما تفعل! فقفزت إلى سمر فكرة، وبدأت تنفذها! أمسكت الفرشاة وراحت تلون ظهر السلحفاة، هنا لون أحمر، وهنا لون أخضر وقسم قد لونته بالأصفر. لم تكتف سمر بهذا، بل أحضرت طلاء الأظافر الذهبي والفضي، ولونت به أقدامها. قالت سمر: صارت سلحفاتي أجمل من أي لوحة! ربطت سمر السلحفاة من قدميها الأماميتين وعلقتها على حائط الغرفة! يا الله ما أغرب هذا المنظر!! راحت سمر تقفز من فرحتها... لقد فعلت شيئا عجيبا لم يفعله أحد من قبل!! قالت في نفسها إنها فكرة مدهشة، سيعجب منها كل أصحابي! لكن أرجو ألا تراها أمي. بقيت السلحفاة على حالها ساعات، ولما جاء الليل أنزلتها سمر لتبيت في الصندوق، وراحت هي لتنام، وأغمضت سمر عينيها فرأت في منامها أن السلحفاة تخرج من بيتها الذي تحمله فوق ظهرها، وتسير متجهة نحو الباب، تحاول الخروج منه. انزعجت سمر وأسرعت إلى سلحفاتها، لكن السلحفاة ابتعدت عنها قائلة: إني ذاهبة إلى الغابة، وطني ومسقط رأس أجدادي، فسألتها سمر بشوق: لماذا تتركينني؟ لماذا تتركين بيتك الذي يحميك؟ وفي الحال، أسرعت سمر لتزيل عن السلحفاة تلك الألوان التي صبغتها بها. قالت للسلحفاة: ليتك تسامحينني يا سلحفاتي. ردت السلحفاة: بيتي يحميني من الأخطار، أنا أستطيع أن أتخفى بين الأشجار فلا تراني أعين الأعداء. سرت سمر من حديث السلحفاة ورجتها أن تبقى معها، لكن السلحفاة أضافت: إنني ضقت بسوء معاملة الإنسان، أنا كائن حي أشعر وأحس! ألا تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بالرفق بالحيوان؟ ... حدثت سمر نفسها فقالت: السلحفاة معها حق، قد أسأت معاملتها جدا؛ حتى إنني نسيت وعدي لأمي بأن أعتني بها. شعرت سمر بخطئها! لكن السلحفاة مشت في طريقها إلى الباب وتركت سمر وخرجت. بقيت سمر تبكي وتبكي حتى استيقظت من نومها! تلفتت سمر حولها، فرأت السلحفاة في مكانها في الصندوق!! فاطمأنت وفرحت وحمدت ربها؛ لأن ما حدث لم يكن إلا حلما. جلست تفكر في هذا الحلم العجيب! لقد أفادت من السلحفاة أشياء كثيرة... فدهشت من نفسها وكيف نسيت كل هذا! وكيف عاملت السلحفاة بهذه القسوة. وفي الحال، أسرعت سمر لتزيل عن السلحفاة تلك الألوان التي صبغتها بها. وقالت للسلحفاة: ليتك تسامحينني يا سلحفاتي!
عنوان الكتاب
ثريا عبد البديع عكاشة
مفيد الأشقر


حكايات صبيان وبنات
قصص الأطفال