مقطع تتناول القصة الحديث عن طفلة اسمها "مريم"، وكانت دوما تجلس مع جدها الذي يحكي لها حكايات وقصصا عن طيور غريبة تثير دهشتها، وتطلق خيالها بعيدا، وذات مرة سمعت صوت صفير، ونظرت للأعلى، وانبهرت بمنظر الطيور وتشكيلات الحمام المنتظمة الجميلة، وبسطت ذراعيها وكأنهما جناحان، وحينذاك لم تنتبه لطريقها فوقع منها كيس الفول السوداني، واندفع نحوها غراب أسود، وأخذ يلتقط الحبات المتناثرة على الأرض، وجرت مريم مسرعة واندفعت إلى حضن جدها الذي سألها وهو يعدل سماعة أذنه بقلق: ما بك يا مريم؟ وأجابت بتوتر: اندفع نحوي غراب أسود وأكل حبات الفول السوداني التي وقعت من الكيس. ابتسم جدها ليطمئنها وقال لها: لا تخافي يا صغيرتي، الغراب لم يقصد إيذاءك، لقد اشتهى حبات الفول السوداني فهو يحبه مثلنا. وحكى لها جدها قصة جميلة عن الغراب؛ حيث كان لونه مشوقا مثل ألوان قوس قزح، وذكر لها كيف ساعد أصدقاءه الحيوانات والطيور حيث كادوا أن يموتوا من البرد والثلوج، وكيف شق طريقه بصعوبة وسط طبقات الغيوم السوداء والرياح العاتية، وزادته المصاعب إصرارا على إصرار، وكيف أكمل طريقه حتى يصل إلى قرص الشمس المتوهج ليشعل الغصن نارا ليمنحه هديه لرفاقه، ونجح الغراب في مهمته رغم تعرضه لاحتراق ريشه الملون، فأصبح أسود فاحما، وتلفت حبال صوته، وهذا يدل عن مدى إخلاصه. وبعد نهاية قصة الجد شردت مريم بعيدا تتمتم: مسكين يا أبا الغربان، يا لها من تضحية! وأفادها جدها بأن الغراب هو أذكى الطيور، وهو المعلم الأول للإنسان، ولا ينسى وجها أحسن أو أساء إليه، وهو ماهر في العثور على الأشياء المفقودة. وفي اليوم التالي كان الغراب ينتظر مريم قرب الدار، ويراقبها بحذر وهي تنثر بضع حبات على الأرض، ولم يندفع الغراب نحوها بل وصل إلى هذه الحبات بخفة وبدأ يلتقطها، وأعجبت مريم به كثيرا، وبدأت تحاكيه واعتادت عليه وعلى صحبته، وأهداها مشبكا للشعر أصفر اللون. وذهبت مريم وهي متحمسة لتخبر جدها، ولكنها وجدته مشغولا ومهموما يبحث عن سماعة أذنه وساعدته مريم في البحث وحزنت لأنها لم تتمكن من إخباره عن هدايا الغراب. وذات يوم بينما كانت مريم في طريقها إلى المدرسة رمى لها الغراب هدية لم تتوقعها، وكانت بالنسبة لها من أجمل الهدايا، وهي سماعة أذن جدها المفقودة، وأسرعت مريم لتعطي جدها هدية الغراب، فتهلل وجهه فرحا، وحكت مريم لجدها حكاية جديدة عن غراب يمنح هدايا وآخرها سماعة الجد الحبيب، وبعد سماع القصة اهتم الجد وأصر على أن يذهب معها لروية صديقها الغراب ليشكره.
عنوان الكتاب
لبنى شكري
لينا نداف


أساطير السكان الأصيلين الأمريكيين
قصص الأطفال