مقطع في غابة السنديان في طرفها الشرقي، كان هناك مكب نفايات تعيش فيه ذبابة سوداء، وقد استيقظت بسبب حرارة الشمس، وأخذت تنظف قائمتيها الأماميتين مما علق بهما من غبار وأوساخ. ثم انطلقت الذبابة في رحلتها اليومية، فذهبت إلى حيث يوجد الديسم الذي كان يتناول فطوره، وحطت الذبابة على طرف صحن العسل، ومدت خرطومها وغمسته في العسل. لم يكن الديسم يتحمل رؤية ذبابة أمام وجهه، فرفع كفه بسرعة وأراد أن يلقن الذبابة درساً قاسياً، لكنها كانت أسرع من يده فطارت. سمع طنين الذبابة من جديد، ووقفت فوق أنفه، فحدق بها الديسم بطرف عينه، ورفع يده لكن بحذر، رفعها أكثر ثم طاخ خ خ خ خ! تعالى صُراخ الديسم، فقد كانت الضربة مؤلمة قوية! واه.. واه يا لك من أحمق! وياء لكِ من وقحة! واه زاه! سمع الدب صراخ ابنه فأتى مسرعاً، أما الذبابة فقد انطلقت باتجاه البيوت تبحث عن صيد آخر. اقتربت الذبابة من بيت الذئب؛ حيث جذبتها رائحة السمك، وقد كان الذئب ممددا على أريكته بعد انتهائه من الغداء، فدخلت الذبابة من النافذة وحطت على أنف الذئب، في بادئ الأمر لوَح الذئب بيده بكسل، ذبَها فعادت وكرر ذلك أكثر من مرة، وفي كل مرة تعود الذبابة بإلحاح، فهب هائجاً يلاحقها، حطم الغرفة وهو يلاحقها بغضب حتى صارت في سقف الغرفة بعيداً من متناول يده! وقف ضعيفاً أمام هذه الذبابة، وراح يفكر في حل للقضاء عليها، فكر طويلاً حتى أحضر المكنسة الكهربائية لتسحبها كذرة الغبار، فشغل المكنسة وأخذ يلاحقها في جميع أنحاء البيت، حتى ارتمى منهوك القوى فوق الأريكة، وعادت الذبابة تحوم فوق رأسه لتقف فوق يده التي تفوح منها رائحة السمك. قال الذئب غاضبا: انتظري وسوف تلقين مصيرك! سحب كتاباً ضخماً فهوى به على كفه المبسوطة، وانطلقت من بيت الذئب صيحة ألم، وسمعها الدب فجاء راكضاً ليعرف السبب، وجد الذئب يعوي عواء حزيناً، ويده مدلاة إلى جانبه...كفى... كفى يا أبا كاسب، ابني حطم انفه! وها أنت قد هشمت كفك! ولا أعرف من سيكون الضحية القادمة لهذه الذبابة الملعونة! توقف دعنا نفكر! وفي عصر ذلك اليوم، شهد مقر البلدية اجتماعاً صاخباً، علا صوت خم خم آغا واحتجاجه: أين تريدون أن أرمي نفايات محالي؟ كان الدب صبوراً حكيماً متروياً، وتسلم زمام النقاش، وبعد ساعة توصلوا إلى الحل وبدأ العمل وكم كانت نتيجة رائعة! دعا الذئب حيوانات غابة السنديان إلى اجتماع، وبينما هو يشرح قضيته كانت أكثر من ذبابة تحوم حول أنفه؛ بسبب رائحة السمك التي تفوح منه. قام الدب فشرح فكرته وكانت كالتالي: لا نستطيع التخلص من الذباب حتى نتخلص من النفايات وذلك يكون بطريقتين، أن نقوم بحرق النفايات أو نطمرها بالتراب. هذا ما فعلته حيوانات الغابة، فتحولت الغابة بعد هذا الاجتماع إلى بيئة نظيفة.
عنوان الكتاب
إسماعيل الصغير
أسامة مزهر


رمزي
حكايات غابة السنديان
قصص الأطفال