مقطع تدور أحداث هذه القصة حول ملك يقال له يونان، وكان في جسده برص خطير، وقد فشل كل الأطباء في شفائه، وفي يوم من الأيام دخل إلى البلاد حكيم عجوز يقال له الحكيم دويان، وكان الحكيم عالماً بأسرار الطب ومنافع النباتات، فلما سمع الحكيم بمرض الملك أخذ يفكر في علاج لمرضه. وفي الصباح ذهب الحكيم دويان إلى قصر الملك يونان، وأخبره بأنه قد علم بمرضه وبأنه سوف يعمل - بإذن الله - على تخليصه من المرض. فقال الملك يونان: (وكيف تداويني - أيها الحكيم - وقد جربت كل علاج ودواء، ولم يزدني إلا سوء.) فقال الحكيم: (سوف أداويك يا مولاي دون أن تشرب دواء أو تستخدم دهاناً.) فتعجب الملك كثيراً وقال له: (أقسم لك لو خلصتني من مرضي فسأنعم عليك بالخير الكثير والمال الوفير.) عاد الحكيم إلى بيته وأخذ يحضر الدواء المناسب للملك. وفي اليوم التالي وصل الحكيم دويان إلى الملك وطلب منه أن يلبس ثيابا رقيقة ويترك ذراعه اليمنى عارية، عارية معرضة للشمس ويركب حصاناً، ويمسك بيمينه بقصبة خشبية مجوفة فيها خليط من الأعشاب، ويضرب كرة بهذه القصبة حتى يعرق تماماً، ويسري الدواء على جسده، وطلب منه أيضاً بأن يرجع إلى قصره فوراً، إذا تعرق، ويغتسل وينام. وفي صباح اليوم التالي استيقظ الملك فوجد نفسه قد شفي تماماً من المرض فسرَّ كثيراً، واستدعى الحكيم وأنعم عليه بالمال الوفير وجعله مستشاراً له. وكان للملك وزير، شعر هذا الوزير بأن الملك قد أهمله فامتلأ قلبه بالحقد، وأخذ يوسوس للملك بأن الحكيم يدبر له مكيدة ليوقعه ويأخذ منه الملك، فصدق الملك كلامه وأمر بإحضار الحكيم من أجل قتله، أخذ الحكيم يبكي ويتوسل له ويخبره بأنه كان وفياً له. ولكن الملك لم يتراجع عن قراره، ففكر الحكيم قليلا ثم قال: (أرجوك أيها الملك أن تسمح لي بتوديع أهلي وأن أوصي بكتبي ومالي وسوف آتي لك بكتاب عجيب.) فقال الملك: (وما في هذا الكتاب؟) فقال له الحكيم: (إن فيه كل أسرار الحكمة، ومن هذه الأسرار أنك إذا قطعت رأسي وفتحت الكتاب وعددت ثلاث ورقات ثم قرأت ثلاثة أسطر فإن رأسي المقطوع يكلمك وإذا سألت عن أي شيء، يجيبك.) فسمح له الملك بأن يودع أهله، ويأتي بالكتاب العجيب، وبعد ساعة، أقبل الحكيم ومعه كتابه العجيب، وطلب من الملك إحضار طبق كبير، ثم قال للملك: (أيها الملك المهاب، خذ هذا الكتاب واحذر أن تقلب صفحاته حتى تقطع رأسي وتضعه في هذا الطبق.) فقال الملك في غضب: (لن أستمع إليك لأنك مخادع وشرير، وسأرى أولاً ماذا في الكتاب ثم أنظر في أمرك.) وأخذ الملك يفتح الكتاب فوجد أوراقه ملتصقة فوضع أصبعه في فمه وبله من ريقه، ففتح أول ورقة فلم يجد شيئاً مكتوباً، ثم فتح الثانية إلى أن وصل إلى الورقة السادسة ولم يجد حرفاً مكتوباً، فغضب الملك غضباً شديداً وكان الحكيم يقول له: (قلب زيادة يا مولاي فسوف تجد ما تريد.) وكان الحكيم قد لصق أوراق الكتاب بالسم حتى سرى في داخله عن طريق أصبع الملك وما هي إلا لحظات حتى سقط الملك ميتاً، وهنا وقف الحكيم دويان يعلن أمام الحاشية: (يا أعوان هذه الدولة إنني لم أقتل الملك، ولكن هذا الوزير هو القاتل؛ لأنه هو الذي كذب عليه وشوّه صورتي أمامه وجعله يصدق أنني جاسوس أريد قتله.)
عنوان الكتاب
أحمد سويلم
مصطفى حسين


ألف ليلة وليلة
قصص الأطفال