مقطع تتحدث القصة عن (علي الغاياتي) الذي ولد من أسرة متوسطة الحال، لكنها ذات حسب و نسب ، يتصل إلى الرسول المصطفى  ، و كان ذلك يوم 24 أكتوبر سنة 1885 بمدينة دمياط . دخل الكتاب ولم يتجاوز السادسة من عمره ، و ما إن بلغ الثامنة حتى كان قد حفظ القرآن الكريم و أجاد حفظه ، ثم أرسله أبوه إلى المعهد الديني ليتلقى به علوم الدين ، و كان ذلك في جامع البحر، و ما إن بلغ الثانية و العشرين من عمره ، حتى غادر دمياط مسافرا إلى القاهرة و هناك تبلورت أفكاره التي تبناها الإمام (محمد عبده) و كانت تنحصر في الدعوة إلى نبذ الخرافات التي لحقت بالدين الإسلامي أيام الضعف كالتوسل بغير الأعمال الصالحة و التواكل و الاستسلام وعدم الأخذ بأسباب التقدم التي اتبعها الغرب أخذا عن الشرق، و كان ينشرها (الغاياتي) بين الطلاب ، و يدافع عن الحماسة مما زاد من أعدائه ؛ فنشروا للإمام صورة وهو يراقص امرأة فرنسية في جريدة لرجل من أهالي دمياط يتمتع بالحماية البريطانية ، مما يبيح له نشر كل ما يريد للنيل من هذا الإمام الكبير و غيره ، وعندما وصلت الجريدة إلى دمياط قام خصوم (الغاياتي) بإذاعتها بين الطلاب ، وسموا (الغاياتي) ومن معه من أنصار الإمام (محمد عبده) : (الملة الستة) ؛ فغضب شيخ المعهد من (الغاياتي) وطرده من المعهد ، ومنعه من تلقي الدروس في حلقاته ؛ فخرج ليشتغل مدرسا بإحدى المدارس الابتدائية الخاصة ، ثم بدأ حياته محررا بجريدة (الجوائب المصرية) ، وكان لا يخاف من الوقوف مع الرأي الحر الذي يراه على صواب ولا يهتم لخصوم هذا الرأي ، ثم اتجه إلى الحزب الوطني و لم تنتصف سنة 1910 إلا و كان (علي الغاياتي) قد أصدر ديوان (وطنيتي) وهو ـ كما يقول على غلافه ـ "مجموعة قصائد و مقاطع في موضوعات متنوعة و أغراض وطنية مختلفة دعت إليها النهضة الحاضرة في مصر" لكن تمت مصادرة هذا الديوان من قبل الحكومة ، وأحرقت كل نسخة تقع تحت يدها ، وحدثت عدة تطورات أدت إلى فرار (الغاياتي) خارج الوطن استمر 27 عاما عزم خلالها أن يجمع مقالاته في الخارج و قصائده الشعرية في كتاب يسمى (هجرتي) ، وقد ظلت هذه الأمنية تلازمه منذ عودته نهائيا إلى مصر سنة 1938 حتى قبل وفاته رحمه الله بأربعة أشهر حيث نشر تحت عنوان (هجرتي بعد وطنيتي) . ومن أهم القضايا التي أثارها في جريدة (منبر الشرق) : الوحدة العربية الإسلامية ، وقضية فلسطين ، ثم أعلن لقرائه أنه سوف يلبي دعوة الله إلى الحج ، وبالفعل فقد سافر في أكتوبر سنة 1946 ، وبعد عودته إلى مصر بدأ ينشر مقالات جريئة ، نقد فيها ما كان يحدث للحجاج في السعودية ، وكذلك كتب تحت عنوان (القتل السياسي) في بدء قيام ثورة 23 يوليو عندما تمت محاولة اغتيال الرئيس (جمال عبدالناصر) وهو يخطب في المواطنين بمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء . أعاد (الغاياتي) طبع ديوانه (وطنيتي) بعد عودته إلى مصر نهائيا طبعتين: الأولى سنة 1938 ، والثانية سنة 1947. وفي نهاية عام 1944 قرر (الغاياتي) الترشح في الانتخابات النيابية عن دائرة عابدين بالقاهرة و كان شعاره الانتخابي (الله , الوطن , الملك) لكن التنافس كان غير شريف مما أدى إلى انسحاب (الغاياتي) آسفا شاكرا كل من سانده. وعندما داهم المرض (علي الغاياتي) في شهر يوليو سنة 1956 تخلف عن كتابة مقاله الافتتاحي المعتاد أسبوعين ، ثم سأل الله الشفاء فحقق الله دعاءه ، ليكتب آخر افتتاحية له في جريدة (منبر الشرق) وكانت بعنوان (جمال قاهر كبرياء الغرب) وقد تحرر بعد ذلك إلى الجهات المختصة في 19 نوفمبر سنة 1956 قرار وقف إصدار جريدة (منبر الشرق) و شطب اسمها من قائمة الصحف وذلك بعد وفاة صاحبها (الغاياتي) وهكذا لم تتحقق أمنية أخرى (للغاياتي) عندما كتب تحت عنوان (منبر الشرق لن يموت) يقول: "إن من أعز الأماني ألا يكون سر أو مرض أو موت كاتب هذه السطور سببا من أسباب عدم ظهور هذه الجريدة".
عنوان الكتاب
إبراهيم عبد الله المسلمي
فتحي رضوان


أعلام العرب
قصص الأطفال