مقطع انقضى النهار ومالت الشمس نحو الغروب، جلست فاطمة وجعفر على شرفة منزلهما يتحدثان، ويراقبان المشهد الجميل، وأنهيا فروضهما ودروسهما، ولكن هناك ما يشغل بالهما؛ فإن جدتهما لم تعد إلى البيت حتى الآن، فظل الحفيدان ينتظرانها بفارغ الصبر، ولكن لم يطل الوقت حتى أشرق وجه فاطمة مبتسماً، وهي تبشر أخاها بقدوم الجدة، ففرحا ولكن الجدة كانت حزينة وعابسة، وقد لاحظاها، فسألوها عن سبب حزنها، فبدأت الجدة تتنهد وتحاول أن تخفي دموعها، لكنها لم تستطع. فقالت لهم: إنها كانت عند أحد أقاربها الذي أخبرها أن ابنه عادل مرض مرضاً شديداً، ولم يبق أمام عادل إلا أن يبقى في الفراش، فأصبح جسمه ضعيفاً ونحيلاً، غير قادر على الحركة وتطعمه والدته. انهمرت الدموع من عيني الجدة، وبدأ الحفيدان يواسيانها، وبدأت الجدة تكمل حديثها وتتذكر ما كان يتمتع به عادل من قوة وبأس، ولم يعلم ما ينتظره من آلام، فشعر الحفيدان بالحزن على قريب جدتهما. فقالت الجدة: إن عادلاً يصبر على آلامه كصبر أيوب. أثارت عبارة (صبر أيوب) انتباه الحفيدين، فأخبرتهم جدتهما قصة أيوب -عليه الصلاة والسلام- وذكرت أنه نبي أرسله الله إلى البشر لهدايتهم، وقد رزقه الله - تعالى- مالاً كثيراً وزوجة وأولاداً، وكان دائماً يشكر ربه على هذه النعمة، لكن ذلك لم يرض إبليس الذي شعر بالغيرة؛ فأراد أن ينتقم من أيوب، فتسلط على مال أيوب، وقضى عليه، وأحرق كل شيء، حتى الإبل، فلم يستطيع أحد أن يفعل شيئاً، فانطلق إبليس إلى أيوب، فوجده يصلي ويحمد الله، فأخبره بما رأى، فقال أيوب: إن هذا ماله، أعطاني إياه، فهو أولى به، فرجع إبليس ذليلاً خائباً، وأيوب ما زال يصلي ويشكر ربه. انتقل إبليس إلى مزرعة أيوب، وقضى عليها، وأخبر أيوب، فظل أيوب يحمد ربه. فقرر إبليس أن يقضي على أغلى شيء يملكه أيوب فقتل إبليس أولاده، وأخبر أيوب فظل أيضا شاكرا ربه ففكر إبليس أن يقضي على جمال ونشاط وشباب أيوب فنفخ في وجه نفخه فأصاب أيوب المرض، وخسر شبابه وصحته وقوته، وجلس حزيناً، يناجي ربه ويشكو له، وابتعد عنه الناس ولم يبق معه إلا زوجته، فقرر الشيطان أن يوسوس لها، فطلب منها أن تذبح بهيمة دون أن تذكر اسم الله عليها، فرفض أيوب ذلك وطرد زوجته ليبقى وحيداً يسجد لربه طالبا رحمته، فاستجاب له الله، وأمره أن يضرب الأرض برجله فخرج منها ماء فاغتسل منه فذهب عنه المرض ورجع إليه شبابه وجماله ورجعت إليه زوجته
عنوان الكتاب
أمل طنانه
سعيد عبد الساتر


قصص الأنبياء
قصص القرآن
الأنبياء والرسل
نبي الله أيوب
القصص الدينية
الصبر - قصص الأطفال
المرض - قصص الأطفال
المعجزات