مقطع |
كان هناك ملك لمدينة مأرب، وفي يوم من الأيام اجتمع مع الحكماء والخبراء وكبار المهندسين في شرفة قصره، التي تطل على الصحراء، وكان الملك حزيناً بسبب لون الصحراء متسائلا : لماذا هي بهذا اللون، رغم الأمطار التي تسقط على الجبال وتنحدر إلينا سيولاً؟! أليست هناك طريقة لمنع مياه السيول من الضياع كل عام في الصحراء؟ فقال كبير المهندسين : إن هناك طريقة للاحتفاظ بمياه السيول الضائعة في الصحراء، وهي أن تبني سداً يحجز المياه خلفه بين الجبال ، ونستطيع ـ عن طريق القنوات ـ أن ندخر مياه السد لري الأرض طيلة العام ؛ فتحركت جموع الرجال والنساء والأطفال لبناء هذا السد . انتهى بناء ،السد بعد سنوات، وتغير شكل المدينة تماماً؛ حيث تحولت الصحراء إلى جنة خضراء ، تمتلئ بالثمار، وتغيرت طبيعة الأرض إلى الأفضل ،إلا أن طبيعة الناس قد تغيرت إلى الأسوأ! حيث ملأ نفوسهم الغرور والكبرياء، ولم يحمدوا الله ولم يشكروه! حتى قال كبير المهندسين: ليتني لم اقترح فكرة السد! لم يأبه الملك لكلامه الملك ، وظل الناس على حالهم من الغرور والجحود، حتى دخل رجل غريبً صالح على القوم ذات يوم ، وقال لهم: إن هواءكم طيب، وبلادكم جميلة، لذلك يحب أن تشكروا الله وتحمدوه؛ فأعرض الناس عنه وسخروا منه، وقالوا: لقد صنعنا هاتين الجنتين بعرقنا وجهودنا وعملنا، وجحدوا نعمة الله عليهم؛ حتى غضب الله عليهم، فإذا بهزة أرضية لم تستغرق سوى لحظات، لكنها ـ رغم سرعتها ـ كانت كافية لتدمر أساس السد من جذوره، وفاض السيل على المدينة ؛ فأغرقها ودمرها دماراً كاملاً، وعادت المدينة صحراء كما كانت! وهكذا تحول القوم إلى أحاديث تروى للقوافل، ولم يعد باقياً منهم غير سيرتهم. |