مقطع تذكر القصة أن ملكة النمل جلست بين وصيفاتها شاردة النظرات، مشغولة البال، مما أثار حيرة وصيفاتها، وجلسن يتناقشن فيما بينهن فيما أقلق الملكة إلى هذه الدرجة، فسمعت الملكة همسهن وسألت إذا كن يشتكين من شيء، ولكنهن أجبن بأن شرودها هو السبب. فأجابت بأنها قلقة على رعيتها من الجوع، فعددهم آخذ في الازدياد، والمملكة لا تتحمل ذلك، ولابد من هجرة نصف الشعب مع الأميرة إلى مكان آخر، ولكنه يعتبر صعب التنفيذ لصغر سن الأميرة، ولا يوجد حل غيره. وفي مساء اليوم التالي استدعت الملكة ابنتها الأميرة، وأطلعتها على قرارها؛ فأبدت استعدادها للقيام بذلك وهي مؤمنة وراضية بمشيئة الله ومتوكلة عليه، وأخذت تستمع إلى نصح أمها حول كيفية رعاية شعبها. ومع بزوغ الفجر بدأت الأميرة رحلتها مع النمل، وساروا أياما وليالي حتى وصلوا إلى وادي جميل ناعم التراب؛ فاتخذوه مسكنا لهم، وباشروا العمل متعاونين فيما بينهم لإقامة مملكتهم، تساعدهم الأميرة بعملهم دون كلل أو ملل، وبعد انتهائهم من بناء البيوت وتحديد القرى قرروا أن ينصِّبوا الأميرة ملكة عليهم، ولكنها رفضت وطلبت منهم تأجيل الأمر حتى تتفهم أمور الحكم والرعية أكثر، وسارت الأيام والأميرة تعيش بين شعبها كأنها منهم والكل مندهش من قرارها هذا، حتى جاء يوم اجتمع فيه وجهاء المملكة وحكماؤها وتوجهوا إلى الأميرة، وقام خطيبهم بمدح الأميرة والإشادة بخصالها، ثم عرض عليها أن تكون هي الملكة؛ فشكرت له كلامه الطيب، ولكنها رفضت، والسبب خوفها من ألا تكون عادلة في حكمها فتنال غضب الله، فانتهى الاجتماع دون ثمرة عملية. وبحلول فصل الربيع خرج النمل لجمع مؤونة الشتاء، وخرجت الأميرة لتنتعش بشم الرياحين، ثم جلست على مرتفع تفكر في عظمة الخالق وبديع صنعه، وهي على هذه الحال رأت الملك (سليمان) ومن حوله أمراء الإنس والجن، وخلفهم الحيوانات والوحوش؛ فرجعت إلى النمل، وصرخت بهم أن يدخلوا إلى منازلهم، فذعر النمل ودخلوا، وكان سليمان -عليه السلام- قد سمع تحذيرها فأعجبه خوفها على بني قومها؛ فطلب من العصفور إحضارها له، فنفذ العصفور ما قاله سليمان وأحضرها إليه، وسألها سليمان عن سبب خوفها على قومها منه فأجابت بأنها خافت أن يفتتنوا بعظمته ويعبدوه من دون الله، ثم أخذت تخبره عن أحوال النمل، ورفضها لتولي الحكم، ولكنه حذرها من عقاب الله لها لرفضها تحمل المسؤولية المسلمة إليها، وقام بإرشادها إلى الطريق القويم للحكم. وفي اليوم التالي توج الملك سليمان الأميرة ملكة للنمل وسط احتفال عظيم، وعاشت الملكة الجديد حياة رائعة تظللها تعاليم سليمان.
عنوان الكتاب
عبد الودود الأمين
علي شمس الدين


من وحي القصص القرآني
النمل
نملة سليمان
قصص القرآن