مقطع قصة رائعة من وحي القرآن الكريم على لسان الفيل الذي شارك مع جيش (أبرهة الحبشي) في محاولة هدم الكعبة؛ فيقول: أنا فيل جميل، نشأت في كنف أبوين كريمين، وربياني أحسن تربية في الغابة الواسعة في بلاد الحبشة، وكانت لي أحلام وطموحات، في أن أكون مشهورا مميزا. وكانت أمي تنصحني وتروي لي القصص والحكايات عن حسن الخلق والطيبة والإيمان بالله، وكان أبي يعلمني تجاربه في الحياة، وبذلك أصبح لي شخصية قوية استطعت بها أن أكسب حب الجميع، ومن شدة حبهم لي جعلوني قائدا لهم، ينفذون أوامري ويطيعوني. مرت الأيام وتوفيت جدتي، وسلمت أمري لله، وخرجت إلى الغابة، ومشيت بين الأشجار فإذا بحبال تلتف حول جسدي، وصوت عدد كبير من الرجال ليمسكوا بي. أخذوني بالعربة إلى ساحة كبيرة بجوار قصر فخم، ووضعوني في قفص كبير، ثم جاء رجال سود مفتولي العضلات في أعناقهم سلاسل، وضعوها في عنقي، وقبلت لأني عرفت أنها عملية ترويض للفيلة. دخل الملك، وهو ضخم طويل اسمه (أبرهة الأشرم) وركبني أحد الرجال؛ فمشيت وأطعتهم بذلك، ولم أعصهم في شيء يطلبونه؛ فاختاروني لكي يسافر الملك علي إلى اليمن، وسماني (محمود) لأني محمود السيرة. واتجهنا إلى اليمن، واتفقت مع الفيلة الأخرى بعمل ثورة على الملك ورجاله لرفض الذل والمهانة والاستعباد، ولما وصلنا إلى اليمن جاء التجار وقدموا الهدايا، واشتكى أحد التجار من أهل مكة بسبب التنافس في التجارة بينهم ولأن فيها بيت الله؛ فقال أبرهة: سأبني لكم بيتا وأطلب من الناس أن تحج إليه. وعندما انتهى بناء البيت وضع أبرهة الأصنام حوله، وطلب من الناس أن تحج إليه، ووافقوا وأتوا إلا أن واحدا من الناس رفض ذلك، ولم يعرهم أي اهتمام، وتوعد أبرهة وجهز الجيش، واتفقت أثناء الطريق مع الفيلة بأن ساعة خلاصنا قد اقتربت، ولا بد من القضاء على هذا الملك. وعندما وصلنا إلى مكة جمدت جميع الفيلة، ولم تتحرك، وغضب أبرهة وصرخ: اضربوا هذا الفيل، ولما يئس أبرهة مني أصدر الأوامر للفرسان والجنود أن يدمروا مكة على أهلها، ويدمروا البيت الحرام قبل أن يهاجمهم جيش مكة، وكان الله لهم بالمرصاد؛ فأرسل عليهم رياحا عاصفة، وطيرا ترميهم بحجارة وتقتلهم، ورأى أبرهة جيشه يتساقط واحدا تلو الآخر، وأصابه الفزع والدهشة، وسقط على الملك حجر وجرحه، فهرب على ظهري، وعدنا إلى بلاد الحبشة، واجتمع الأطباء إليه ليعالجوه، ولكنه ظل طريح الفراش يصرخ طوال الليل إلى أن مات. وعندها هاجمنا الحرس، ثم رجعنا إلى الغابة السعيدة بنسيمها العليل.
عنوان الكتاب
عبد الودود الأمين
علي شمس الدين


من وحي القصص القرآني
قصص القرآن
الفيل - قصص الأطفال