مقطع يذكر في القصة أن التشريعات المعمول بها قديماً في مدينة (أثينا) من بلاد اليونان كانت تنص على إعطاء الآباء الحق باختيار أزواج لبناتهن، وإذا رفضت البنت فإن هذا الأب يستطيع إعدام ابنته عن طريق المجلس التحكيمي الأعلى في البلاد، ولكن هذه الحالات كانت نادرة حتى ظهور هذه القصة إلى الوجود. ففي القصة أن المواطن "ايجه" تقدم بشكوى إلى حاكم (أثينا) الدوق "ذيسيه" بحق ابنته "هرميا" لكونها رفضت تحقيق رغبته في الزواج من "ديمتريوس"، وذلك لتعلقها بفتى آخر يدعى "ليساندر" وقد عمدت إلى تبرير موقفها بالقول إن ديمتريوس قد أعلن عن حبه لـ "هيلين" أعز صديقات هرميا، ولكن هذا التبرير لم يشفع لها. خرجت هرميا من مجلس الدوق قلقة حائرة، وذهبت إلى ليساندر، وبعد تفكير قررا أن يهربا الليلة القادمة، شعرت هرميا بالفرح وأخبرت صديقتها هيلين بالخبر، وكانت الغابة التي تواعدا على اللقاء فيها مأهولة بمخلوقات صغيرة الحجم تعرف باسم (الجن) ويميلون إلى المجون والسخرية من الناس بحيل وألاعيب شتى، ولهم ملك يدعى "أوبيرون" وزوجته الملكة "تيتانيا" وقد اعتادا على الاحتفال بعيد زواجهما كل عام، إلا أن خصاماً شديداً نشب بين الزوجين؛ وذلك لأن الملكة ترفض تسليم الملك طفلاً يتيماً كانت أمه صديقة حميمة للملكة، وكانت الملكة قد أرسلته إلى مرضعة خاصة. وفي ذات الليلة التي التقى فيها هرميا و ليساندر داخل الغابة، كانت الملكة تيتانيا تقوم بنزهة برفقة وصيفاتها، فشاهدها زوجها وأمرها أن تعطيه الطفل اليتيم، ولكنها رفضت، فأرسل أوبيرون بطلب نديمه الخاص "بوك" الذي كان موضع ثقة الملك، لأنه يتمتع بشخصية تضاهي إبليس، ولما مثل بين يديه قال له: أريدك أن تذهب لتقطف الزهرة التي تسميها الفتيات زهرة (الحب البطيء) والتي تعطي عصارة إذا ألقيت على مقلتي شخص وهو نائم، يعشق صورة أول شخص تقع عيناه عليه، ولهذا أريدك أن تقطر في عيني زوجتي تيتانيا حتى تقع في غرام أول حيوان يمر أمامها حتى تضطر لتسليمي الطفل الذي هو بحوزتها. وفي أثناء انتظار أوبيرون عودة بوك شاهدا كلاً من ديمتريوس وهيلين وكان يعاتبها على لحاقها به، وكان يهرب منها وهي تعدو وراءه باكية. تأثر الملك أوبيرون بهذا المشهد فأشفق عليها فلما عاد بوك طلب منه أن يأخذ قسماً من هذه الزهرة، ويضع عصارتها في عينيه. وتعود القصة للتحدث عن هرميا التي هربت من منزل أبيها، ووجدت ليساندر في انتظارها، ولكنهما شعرا بالنعاس فغرقا في نوم عميق، وعندما وجدهما بوك نائمين صب قطرات من عصارة الزهرة في مقلتيه، وهنا شاءت الأقدار أن تمر هيلين بالقرب من ليساندر عند استيقاظه، فوقع نظره عليها فغدا متيماً بـهيلين، وقد عجزت عن تفسير لهذا الموقف، وولت هاربة إلا أن ليساندر نهض من مكانه وتبعها. وعندما استيقظت هرميا وجدت نفسها وحيدة، فتاهت خلال الأدغال. وفي تلك الأثناء اضطجع ديمتريوس في مكان قريب من الملك أوبيرون، فلمس جفنيه بتلك الزهرة العجيبة ولما استيقظ كانت هيلين تمر بالقرب منه، فوقع نظره عليها ووقع في غرامها. وهنا أخذ كل من الشابين يوجهان نفس الكلمات العاطفية إلى هيلين، فأخذت الفتاتان تتجادلان بكلمات قاسية وبينما هما كذلك، كان ديمتريوس و ليساندر قد غادرا المكان بحثاً عن أيكة يتبارزان تحت ظلالها. وكان أوبيرون يراقب هذا الشجار مع المسخ بوك فقال له: إنني آمرك باللحاق بهما، وتعمد إلى خداعهما بصوتك دون أن يشعرا بوجودك، فترسل الكلام المهين لكل منهما، فيطارداك حتى ينال التعب منهما، فيعمدا إلى النوم وعندئذ تتقدم من ليساندر وتصب ماء الزهرة السحرية في عينيه. وبعد ذلك توجه أوبيرون إلى زوجته تيتانيا، وكانت لا تزال نائمة، فلمح قروياً يغط في نومه فرأى أنه هو الهدف الذي يستطيع بواسطته الانتقام من زوجته، فعمد إلى تغطية رأس القروي برأس آخر على هيئة حمار دون أن يلحظ ما فعله أوبيرون، وعندما استيقظت وقعت عيناها على القروي فلم تتمالك نفسها، ووقعت في غرامه، وقالت له: إنك الشخص الذي أحببته، ولسوف أعطيك بعض وصيفاتي للسهر على خدمتك. ولما شاهد أوبيرون الحمار مضطجعاً في غرفة الملكة أظهر نفسه أمامها بغتة وهو يوجه لها اللوم على إسرافها في تخصيص مودتها لمجرد حمار، فشعرت بالخجل وانصاعت لرغبته في الحصول على الطفل، ثم عمد إلى إنقاذها من محنتها بصب السائل السحري في عينيها. بعد هذا قص أوبيرون على زوجته قصة الشابين، فرافقت زوجها حيث كان الأربعة نائمين فصب بوك في عين ليساندر السائل، وفي الصباح استيقظت هرميا قبل الجميع، فاستيقظ ليساندر على صوتها وعندما وقع نظره عليها عاد إلى قلبه ذلك الشعور بمحبتها. وتصل القصة في النهاية إلى إقناع ديمتريوس بالذهاب إلى (أثينا) والإعلان أمام المحاكم بتنازله عن المطالبة بالزواج من هرميا، وهناك فوجئت الفتاتان برؤية والد هرميا وكانت إمارات الغضب بادية عليه، وعندما علم بقصة خطوبة هيلين وديمتريوس سرّ بهذا النبأ، وعاد إلى (أثينا) وأعلن تنازله عن شكواه للدوق، وتم إجراء عقد الزواج بين ديمتريوس و هيلين في ذات اليوم. سرّ الأثينيون بهذه النهاية المفرحة التي انتهت إليها قصة هرميا، وشهدت المدينة موكب زفاف لم تعهد له مثيلاً من قبل. ولا بد من الإشارة إلى أن كل الأحداث التي ذكرت عن الجن إنما كانت خلال حلم من الأحلام.
عنوان الكتاب
محمد كيلاني


قصص عالمية للفتيان - قصص شكسبير
الحب - قصص الأطفال
مساعدة الآخرين