مقطع تحكي هذه القصة أن أحد الصيادين حمل شباكه واتجه نحو الغابة بحثاً عن صيد ثمين، فنصب شباكه، وجاءت حمامة ومعها حمام كثير وعلقوا بالشباك، وعندما لمح الصياد هذا المنظر فرح كثيراً وخرج إليها، فحاولت كل واحدة منها أن تتخلص من قيودها ولكنها عجزت، فقالت الحمامة المطوقة لهن: لا تتخاذلن أيتها الصديقات، ولنهب كطائر واحد. استمع الحمام إلى قولها وقررن النهوض دفعة واحدة فصاحت بأعلى صوتها: واحد، اثنان، ثلاث. وتمكن الحمام من قلع الشبكة بالتعاون وطارت في الجو، فذهل الصياد لهذا الصنيع وأخذ يسرع خلف الحمائم على أمل أن تقع مرة ثانية على الأرض ويمسك بها من جديد. نظرت الحمامة المطوقة إلى الصياد وقالت: إنه يتبعنا يجب أن نختفي خلف الأشجار حتى يفقد أثرنا. وبعد قليل أصيب الصياد باليأس، فتوقف عن مطاردة الحمائم وعاد إلى بيته حزيناً. أشارت الحمامة المطوقة إلى رفيقاتها قائلة: لدي صديق عزيز هنا فلنهبط جميعاً إلى الأرض. هبطت الحمائم إلى الأرض وهي سعيدة بنجاتها من سكين الصياد، إلا أن الشباك كانت تثقل ظهورها، صاحت المطوقة: أخي الجرذ: أجابها وهو متحصن بجحره: من أنت؟ أنا أختك المطوقة. لما سمع الجرذ ذلك خرج من جحره وأقبل عليها فوجدها تحت الشباك فتبادلا أطراف الحديث قليلا ثم بدأ بقطع الخيوط القريبة من المطوقة فقالت له: ابدأ برفيقاتي أولاً، ولكن الجرذ تجاهل قولها واستمر بقطع الخيوط القريبة منها، فكررت القول إلا أنه لم يتحول عنها. سألته: لماذا تتجاهل قولي؟ أجابها الجرذ مستغربا: ألا تهتمين بنفسك إلى هذا الحد؟، قالت المطوقة: إني أخاف إن بدأت بي تمل وتتكاسل عن غيري. أما إذا بدأت بقطع خيوط رفيقاتي وكنت أنا الأخيرة فستواصل عملك حتى لو أصابك التعب. قال الجرذ: إن وفاءك أيتها الأخت لرفيقاتك لهو مضرب الأمثال، أجابت المطوقة: ولكن وفاءك لي هو أعظم ما يقدمه أخ لأخته. أخذ الجرذ يقرض الشباك حتى انتهى منها فتحررت المطوقة ورفيقاتها معها وانطلقن بسلام في الفضاء يرفرفن بأجنحتهن شاكرات للجرذ مروءته وهمته ووفاءه.
عنوان الكتاب
شادي فقيه
فؤاد ميران


حكايات كليلة ودمنة
مساعدة الآخرين