مقطع تتناول القصة الحديث عن (ابن رشد) حيث تبدأ بقدوم قاضي القضاة (أبو القاسم أحمد) إلى أصحابه، ومعه ابنه (أبو الوليد) وصديقه (ابن زهر)، وطلب من أصدقائه العلماء أن يسمحوا لهما بالتعلم منهم عن علم الكلام على مذهب أهل السنة من الأشاعرة وسماع حواراتهم، فرحبوا بهما، وقد كانا يبلغان من العمر خمسة عشر عاماً، ويحفظان القرآن وأحاديث الموطأ، فأصبحوا دائماً يأتون للتعلم حتى قررا دراسة الفلسفة والطب. فذهبا لــ (ابن طفيل) الفيلسوف و(أبو جعفر هارون) الطبيب، حيث كانا يعيشان بقرطبة أكثر مدن أوروبا سكاناً وأجملها وأغناها. كان في قرطبة ثلاث ديانات أدت إلى اختلاط الثقافات اليونانية وثقافة العرب المسلمين وثقافة العبرانيين، وساهم وجود هذه الثقافات في تشرب أبي الوليد ثمار هذا التعايش؛ فأصبح ذا صدر رحب في تفهم اختلاف الآراء وتعارض وجهات النظر، وعند بلوغه العشرين عاد إلى والده حاملا شهادة في علوم التفسير والحديث والفقه والكلام والمنطق والفلسفة والطب وكرّم في المسجد الجامع بوجود حشد من العلماء، وظل أبو الوليد يواصل طلب العلم والطب، ويعالج الفقراء بلا أجر. زار ابنُ طفيل طبيب السلطان صديقه أبا القاسم وأعطى أبا الوليد كتابه (حي بن يقظان) فقام أبو الوليد بمناقشة مضمونه الفلسفي، فأعجب ابن طفيل به، وعرض عليه لقاء السلطان، فوافق على الفور، وعندما وصل ودخل على السلطان وعلمائه وحاشيته، تحدث في قضية إصلاح التعليم ودور المرأة المهم وأن لها أدوارا مهمة كالرجل، فاستاء الحاضرون من كلامه، فأوقف السلطان المناقشة وانفض المجلس، وعندما خلا السلطان بابن طفيل وأبي الوليد أبدى إعجابه بذكاء أبي الوليد وعلمه، وتوقع له أن يكون رابع أهم فلاسفة المسلمين، وأطلق عليه لقب (ابن رشد الحفيد). مكث ابن رشد بضعة أسابيع بمراكش عند السلطان، فوكله السلطان بترجمة مؤلفات فلاسفة الإغريق، وشرح غموضها، وتبسيط معانيها، فوافق. وقبل عودته إلى قرطبة ودعه السلطان وابن طفيل وجعل له السلطان أجراً دائماً، وبعد موت والده وكله السلطان قاضيا بإشبيلية، كما جعله قاضياً للجماعة بعد وفاة ابن طفيل، ولكن الكارهين والحاسدين له، أوقعوا بينه وبين السلطان ، فنفاه إلى بلاد يهودية، وبعد انكشاف الحقيقة يعتذر السلطان لابن رشد، ويعيده إلى منصبه، ولكن لا يطول به العمر، فيموت في مراكش بعد أن قدم من العلوم والمؤلفات ما أحدث دوياً في أوروبا.
عنوان الكتاب
سليمان فياض
إسماعيل دياب


علماء العرب
ابن رشد
الفلسفة الإسلامية
العلماء المسلمون - تراجم