مقطع القصة تحوي ثلاث قصص صغيرة، الأولى: قصة "جودر" ذلك الفتى المثابر الشجاع، حيث كان لدى "جودر" أخوان أكبر منه سنا، وهما: (سالم وسليم). ترك لهم والدهم قبل وفاته مبلغا من المال، حيث كان عادلا وقسم المال قبل وفاته بين زوجته وأولاده الثلاثة. ذهب سالم إلى طريقه، وكذلك سليم، وتركا "جودر" وأمهما، وكان "جودر" مخلصا وفيا لأمه؛ فجعلها تعيش معه، وأمن "جودر" لنفسه عملا شريفا، وهو صيد السمك، فقد اشترى بالمال ـ الذي أعطاه إياه والده ـ كل ما يحتاج إليه في عمله من قارب وأدوات صيد، وباقي المال احتفظ به للطعام والثياب. كان "جودر" صبورا في عمله، وفي الحصول على السمك. وذات ذات يوم ـ وبينما هو يصيد السمك ـ أتاه رجل مغربي، يرتدي ملابس غالية ومزركشة، اسمه (عبد الصمد المغربي) وطلب هذا الرجل من "جودر" مساعدته في الحصول على أغراض الجن (شمردل) الأربعة، وهي: الخاتم والسيف والسلسلة وكرة الفلك الموجودة على رأسه، وشرح له كيف يمكن الحصول عليها، وكيف يمر بالسبع أبواب المؤدية إلى الشمردل، فوافق "جودر" على الذهاب معه للمغرب؛ للقضاء على شمردل، وللحصول على الأشياء الأربعة التي ذكرها المغربي، وأعطاه المغربي ألف دينار؛ لكي يعطيها لوالدته؛ لكي تعيش بها. ذهب "جودر" لوالدته وأخبرها أنه سوف يسافر للمغرب بغرض العمل؛ فحزنت وأعطاها المال؛ فقد كان رحيما جدا. وبعد ذلك رحل "جودر" والمغربي إلى المغرب. وكان لدى المغربي خرج، يخرج منه كل ما يشتهي من الطعام، ويأكل منه هو وجودر أثناء الطريق؛ فصدم جودر بهذا الخرج، وتمنى أن يكون له، فقال له المغربي: إذا قضيت على الشمردل وأتيتني بالأشياء الأربعة، سوف أعطيك هذا الخرج. وعند وصولهم إلى المغرب، جعل المغربي "جودر" كأنه ملك، حيث أعطاه ثيابا مزركشة جميلة، وجعله يبيت في قصره مدة أسبوع، يعلمه كيف يمكن الوصول إلى الشمردل، وكيف يمر بالأبواب السبع المؤدية إلى هذا الجن. وفعلا استطاع "جودر" الوصول إلى الشمردل بحكمة وذكاء، واستطاع أيضا أن ينتزع من الشمردل الخاتم والسيف والسلسلة والكرة الذهبية؛ ففرح المغربي عبد الصمد وأعجب بشجاعة "جودر" فأعطاه الخرج هدية له. عاد "جودر" إلى بغداد ومعه الخرج، فذهب إلى والدته؛ فسعدت لرؤية ابنها، وأخبرها بكل ما حدث في المغرب، وبقصة الخرج، وجعلها تطلب كل ما تشتهي من أنواع الطعام، فأحضرها لها بواسطة الخرج، الذي يخرج أشهى أنواع الطعام. سمع أخواه (سالم وسليم) بقصة الخرج؛ فذهبا إلى منزل أمهما، بعدما أصبحا فقيرين ضعيفين، فرحب بهما "جودر" وفرح لرؤية أخويه، ولكنهما كانا حاسدين لجودر؛ فاتفق سالم وسليم مع عصابة؛ للقضاء على جودر، ومن ثم الحصول على الخرج. وفي ليلة من الليالي، وبينما كان "جودر" نائما، اختطفته العصابة، ورمته في الصحراء. فذهب "جودر" إلى مدينة غريبة، لا يعرفها، وهناك عمل فيها خادما لدى رجل دين حكيم وطيب، فطلب الرجل من "جودر" الذهاب معه إلى مكة المكرمة؛ لتأدية مناسك الحج، فذهبا إلى مكة المكرمة، وبينما كان "جودر" يطوف بالبيت الحرام، التقى ـ صدفة ـ بالمغربي عبد الصمد، فأخذ "جودر" يقبل عبد الصمد ويعانقه، وطلب من الرجل الذي عمل عنده أن يذهب مع صديقه المغربي، فوافق الرجل وأعطى "جودر" مالا. أخبر "جودر" صديقه عبد الصمد بقصته وقصة الخرج، وكيف أخذها منه أخواه! فقال له المغربي: لا تحزن، سوف أعطيك خاتم شمردل، وإذا قمت بدعكه، سوف يخرج لك شمردل ويساعدك؛ فشكر "جودر" المغربي وودعه للذهاب إلى بغداد. وفي الفترة التي غاب فيها "جودر" عن المنزل، كان سالم وسليم يتمتعان بالخرج، ويطلبان منه كل أنواع الطعام، وكانا عاصيين لوالدتهما المسكينة ولا يحترمانها. علم الملك بقصة الخرج، الذي يمتلكه سالم وسليم؛ فأخذه منهما، وأمر الملك بحبس سالم وسليم في السجن مع تعذيبهما، وعندما رجع "جودر" التقى والدته أمام باب القرية، وهي تطلب المساعدة من الناس؛ ففرحت لرؤية "جودر" وأخبرته بما حل بأخويه؛ فاستدعى "جودر" الشمردل، وأمره أن يبني له قصرا رائعا، ويسترد من الملك جميع مجوهراته وأشيائه الثمينة، وطلب أيضا أن يحضر له جواري وجنودا، له ولوالدته، وأمر بإخراج سالم وسليم؛ فصدم الملك لذلك، ولعدم رؤيته لمجوهراته وأشيائه الثمينة، فتعاهد مع "جودر" واعتذر له عما فعله بأخويه، فطلب منه الزواج بابنته، حتى يسامحه، فوافق الملك وتزوجها. أما القصة الثانية وهي قصة: بنات بغداد، وتدور أحداثها حول ثلاث أميرات جميلات، حيث جاء إلى هؤلاء الأميرات ثلاثة رجال، يريدون الزواج بهن، وكان بهؤلاء الرجال عور، حيث يرون بعين واحدة، وأخذ كل واحد منهم يتكلم عن نفسه أمام الأميرات، فكانوا أمراء شجعانا؛ فتزوجوا من الأميرات، وعاشوا جميعا سعداء. أما القصة الثالثة، فتدور أحداثها حول قمر الزمان، حيث كان للملك "شهرمان" ولد اسمه "قمر الزمان" وكان جميل المنظر و يحبه كثيرا، وأخذ يربيه تربية صالحة. وعندما بلغ قمر الزمان الرابعة عشرة من العمر، طلب منه والده شهرمان الزواج، ولكن قمر الزمان رفض الزواج، وكان الملك يقول لقمر الزمان: تزوج، ولكن قمر الزمان يرفض وبشدة؛ فغضب عليه والده، وأمر أن يزج بقمر الزمان في برج من أبراج قلعته العتيقة، ومع ذلك كان يحبه كثيرا. نصب رجال الملك لقمر الزمان سريرا في قلعة مظلمة من قلعته، ولما دخلها قمر الزمان وتناول طعامه، توضأ وصلى، ثم جلس على سريره، وجعل يتلو كتاب الله الكريم، حتى غلبه النعاس، فاستلقى على ظهره ونام، وكان بالقلعة بئر عميقة، تسكنها جنية اسمها (ميمونة) وهي بنت أحد ملوك الجان، فلما رأت قمر الزمان، أعجبت به كثيرا، وانجذبت نحوه تتأمل منظره، فقامت باستدعاء العفريت "دهنش" لكي ينظر إلى قمر الزمان، فلما رآه "دهنش" استغرب وقال: يا للصدفة! إنه يشبه فتاتي (بدور) وهي أيضا في غاية الجمال؛ تعجبت ميمونة مما قاله "دهنش" وقالت: أحضرها. فاحضرها "دهنش" ووضعها بجانب قمر الزمان، وأخذا يتأملان بدورا وقمر الزمان؛ فهما يتشابهان من حيث الجمال والعمر، ثم جعلت ميمونة قمر الزمان يستيقظ؛ لكي يرى بدورا، فلما رآها؛ أعجب بها كثيرا، ووضع في يدها خاتما كان يرتديه. فجعلته ميمونة ينام مرة أخرى، وبعد ذلك أيقظ "دهنش" بدورا، فلما رأت قمر الزمان، أعجبت به أيضا، ووضعت في يده أيضا خاتما، أعطاها إياها والدها، ثم نامت، وعندما استيقظ قمر الزمان لم يجد بدورا، فأخذ يصرخ وينادي على الخدم، وعندما سمع بذلك والده، ذهب إلى قمر الزمان، فأخبره قمر بما رأى، ولكن والده تعجب من ذلك، وظن أن ولده أصيب بالجنون، ولكن قمر الزمان أكد لوالده أنه لم يجن، ويريد الزواج من تلك الفتاة، وجعل والده يرى الخاتم الذي أعطته إياه بدور، فصدقه والده، ولكن قمر الزمان عاش ضعيفا، لا يريد إلا رؤية بدور، وكذلك بدور عاشت ضعيفة، لا تريد إلا رؤية قمر الزمان. وكان لبدور أخ بالرضاعة اسمه (مرزوان) وقد تأثر كثيرا بحال أخته؛ فذهب للبحث عن قمر الزمان، وعندما التقى بقمر الزمان، أخبره بحال بدور، وذهب معه قمر الزمان، وتزوج ببدور التي أحبها حبا عظيما. وفي طريقهم للعودة إلى قصر الملك شهرمان، كانت العواصف شديدة؛ فضلوا الطريق وتفرقوا، فحزن كثيرا، فتنكرت بدور بزي رجل، وذهبت إلى أقرب مدينة، وعندما رآها الملك، أعجب بالشاب وبشجاعته؛ فهو يعتقد أنها رجل؛ لأنها كانت متنكرة بلباس رجل، وطلب منها أن تتزوج بابنته (حياة النفوس) فصدمت بدور بذلك. وعندما تزوجتها، قالت لها حقيقتها، وبأنها فتاة، وبقصتها هي وقمر الزمان؛ فساعدتها حياة النفوس؛ لأنها فتاة طيبة وصادقة؛ فجعلتها تلتقي بقمر الزمان. وأخبرا والد حياة النفوس بقصتهما؛ فطلب والد حياة النفوس من قمر الزمان أن يتزوج ابنته؛ فأخذ الإذن من بدور فوافقت، وتزوج قمر الزمان وحياة النفوس، وبعد ذلك رزقت بدور بولد اسمه (الأمجد). وبعد أشهر رزقت كذلك حياة بولد اسمه (الأسعد) فسعد قمر الزمان بذلك. ومرت السنون، وكبر الأمجد والأسعد، فخافت بدور وحياة على مستقبل أولادهما، وبمن يستلم الحكم بعد وفاة قمر الزمان، فكانتا كل واحدة منهما تدبر لقتل ابن الأخرى، وصارت هناك خلافات في القصر؛ فطلب قمر الزمان من رجل كان يعمل لديه، أن يأخذ ولديه ويقتلهما، لكن الرجل لم يفعل، وجعلهما يذهبان في سبيلهما. كان الأخان محبين لبعضهما كثيرا، وأخذ كل واحد منهما يدافع عن الآخر في الطريق، وعاشا على هذه الحالة سنة كاملة، حتى أعجب الأمجد بالملكة مرجانة فتزوجها، وتزوج الأسعد كذلك. وكان قمر الزمان وزوجاته يظنون أن الرجل قد قتل أولادهم، فكانوا حزانى! وقد ندم قمر الزمان على هذه الفعلة. وذات يوم دهشوا لرؤية الأسعد والأمجد على قيد الحياة؛ ففرحوا بذلك، وتولى الأمجد الملك بدلا من زوجته مرجانة، والأسعد بدلا من قمر الزمان والده، وعاش الجميع في نعيم ورخاء.
عنوان الكتاب
حسن جوهر
ستيلا يونكرز


ألف ليلة وليلة
الصدق
الشجاعة
الإخلاص