مقطع تحكي القصة عن كاهن اسمه "جندابا" عينه ملك "كارناتاكا" حاكما لإحدى الولايات ، عندما كان الملك في حالة انشراح ـ قلما يكون عليها ـ حيث أراد إكرام كاهنه المخلص والمجيد لعمله ، فقال له "جندابا" إنه يود أن يعمل حاكما ـ من باب التغييرـ فوافق الملك رغم أن وزيره كان معارضا للفكرة ، ويعلم أن جندابا لا يصلح . وقبل أن يتسلم جندابا الحكم قال له الحاكم ثلاث نصائح ليجيد في عمله : الأولى : أن يجعل وجهه داكن اللون ، والثانية أن يعض على الآذان عندما يكون الحديث عن أمور خاصة بالدولة ، والثالثة أن تكون خصلات شعر كل إنسان بين يديه . سمع جندابا النصائح وأخذ على نفسه عهدا بتنفيذها ، ثم انطلق متوجها للولاية ليبدأ عمله، وفي الطريق أخذ جندابا يقطف الأزهار ويقوم بالطقوس الدينية متناسيا أن الحاكم ليس عليه القيام بذلك ، وكان يمشي على قدميه لم يمتطِ حصانا مثل كل الحكام؛ لأنه لم يسبق له أن امتطى حصانا . كانت أمتعته موضوعة في صرة حملها على رأسه ، والأزهار في صرة أخرى ، وفي الولاية كان الناس وكبار المسؤولين في انتظار الحاكم منذ الصباح الباكر ولكنه تأخر كثيرا ورفضوا أن يرجعوا إلى بيوتهم ؛ كي لا يغضبوا الحاكم أو يأخذ عنهم انطباع سيء عن اخلاصهم في عملهم، فظلوا في مكانهم ينتظرون الحاكم الجديد . وعندما حل المساء وصل جندابا متأخرا ، فلما رآه الناس لم يخطر في بالهم أن هذا هو الحاكم ؛ لأنه لا يتصف بصفاته ؛ فهو يبدو كاهنا ولم يمتطِ حصانا ؛ فاستوقفه المسئولون ؛ ليستفسروا منه إذا كان شاهد شخصية هامة تسير في الطريق نحوهم ؛ فقال لهم : كلا ، لم أرَ أحدا ؛ فقال أحدهم : غريب أمر الحاكم ! فمن المفترض أن يصل ؛ فقاطعهم قائلا: إنه هو الحاكم الجديد فبدت على وجوههم علامات الدهشة وعدم التصديق ؛ فأراهم المرسوم الملكي بتعيينه حاكم جندابا؛ فتعجبوا لأنهم لم يروا حاكما بهذه الحالة المزرية من قبل! فقالوا : إنه حاكم ذكي ؛ أتاهم متنكرا ؛ لكي يتجسس عليهم ويعرف شؤونهم ؛ فمشوا جميعا ليوصلوه إلى بيته ، وهناك كان في انتظاره مأدبة دعي إليها ؛ فجلسوا وأكلوا ، وأخذ جندابا يطلب الكثير من الأكل ، وعندما انتهى كان الناس ينتظرون منه أن يقوم لكي يقوموا من ورائه ـ فهو الحاكم ـ إلا إنه جلس منتظرا إكرامية منهم مثلما كان يفعل عندما يقوم بالطقوس الدينية وهو كاهن يعطى وجبة وروبية أو روبيتين، ولكنه مل الانتظار فصرخ قائلا : هل ستعطونني هبتي أم لا ؟ فقال المسؤولون : إنه يريد حقه من الرشوة ؛ فأعطوه حقيبة من القطع الذهبية ففرح كثيرا ، وأخبر الحاضرين أنه خلال ساعة سيبدأ عمله ، فقال الحاضرون : إنه " حمار شغل" وسارعوا قبله إلى أعمالهم ، وقبل بدأ عمله قام جندابا بتلطيخ وجهه ببودرة الفحم كي يسود وجهه ـ كما أمر الملك ـ ولكن الملك كان يقصد أن يكون جادا . جلس "جندابا" على مقعده وأخذ يقرأ كل الأوراق والتقارير بعناية فقال في نفسه : إن هناك مهمة عاجلة يجب إنجازها بسرعة ؛ فاستدعى أحد المعاونين وطلب إليه أن يقترب وعض أذنه مطبقا نصيحة الملك التي عنى بها بأن تكون أمور الدولة الخاصة سرية ، ثم تساءل جندابا متحيرا : كيف يطبق النصيحة الثالثة ؟ فلم ينم ، وانتظر العاملين معه إلى أن غلبهم النعاس وناموا ؛ فقص منهم خصلات من شعرهم ، وذهب في اليوم التالي للملك فرحا ولم يغسل وجهه من بودرة الفحم ؛ كي يري الملك أنه طبق النصائح جيدا ، وأخذ خصلات الشعر أيضا وأراها الملك ، وأثناء تواجده عند الملك أتى المعاون الذي عض أذنيه ؛ ليشتكي للملك ؛ فأشار إليه جندابا وقال للملك : إنه عض أذنيه كما طلب ؛ فاستغرب الملك والوزير أيضا وعلم جندابا أنه أخطأ فقال للملك : ليس من الضروري أن يكون كل كاهن جيد حاكم جيد.
عنوان الكتاب
ابراهيم بشمي (مترجم)
نادر موسى


شعبي
ماذا يقرأ أطفال العالم؟
الحكمة
الشخص المناسب في المكان المناسب
حسن التصرف