مقطع تحكي القصة أن سيدي الحلوي الذي كان قاضياً في مدينة إشبيلية أيام الحكم العربي للأندلس، وكان ذا منصب كبير، وصل إلى مدينة تلمسان فاستخف أهل المدينة به في البداية، ولكن ما إن حدّثهم حتى كان ينطق بالعلم والحكمة، إذ صار مشهورا وصار العلماء يأتون إليه، ولذلك طلب السلطان من وزيره أن يحضره، وعندما جاء إلى السلطان طلب منه السلطان بأن يجود بما عنده، فأخذ يتحدث عن أمور الدين والدنيا، فأعجب السلطان به، وأراد منه أن يعلم ولديه الاثنين ولكن اشترط سيدي الحلوي أن يأتي الولدان إلى منزله ولا يقيم هو في القصر فوافق الملك، وفرح السلطان كثيرا عندما رأى ولديه مجدين ومهتمين بالدروس، وأخذت الوزير الغيرة وقال في نفسه خائفا من أن يعين السلطان عنده ذلك الشخص، فأراد أن يزرع الشكوك في قلب السلطان، فقال له: إن هذه الحكمة ربما تكون من عند الشيطان وليست من عند الله، وذات يوم كان السلطان وابناه جالسين على مائدة الطعام، ولم يكن ابناه يأكلان إلا القليل فسألهم السلطان عن سبب ذلك، فقالا له أنهما أكلا طعاما شهيا عند معلمهما، فهو يصنعه لهما من حائط غرفته ويقدمه لهما فإذا به طعاما شهيا، وهو بذلك مكافأة لهما على حسن أدائهما، وبعد انصرافهما أراد الوزير أن يدخل الشك في قلب السلطان فوضح له أنه قد يكون ذلك من فعل الشيطان، فشك السلطان بكلام الوزير ولكن الوزير أخذ يقول للسلطان: إن ذلك من أمور السحر وإن الأميرين في خطر، فأراد السلطان التخلص من ذلك الرجل المعلم فأمر بخروجه خارج سور المدينة وقطع رأسه وترك جثته للذئاب وتكفل الوزير بذلك حتى لا يغير السلطان رأيه، وفي الليلة التالية أخذ الحارس يدور على أبواب المدينة بعد الغروب وهو يردد نداءه: ادخلوا المدينة قبل أن تغلق الأبواب، وعندما وصل إلى الباب التالي وهو الذي أعدم فيه سيدي الحلوي سمع صوتا يناديه أيها الحارس أغلق الأبواب الآن وعد إلي بيتك فلم يبق أحد خارج المدينة هذه الليلة سوى الحلوي الذي أعدم ظلما، ولما تكررت الحكاية سبع ليالٍ متوالية، ذهب الحارس للسلطان وأخبره بما حدث فالتفت إلى وزيره وقال له إذا كان ذلك فإنك أضعتني، وتواعدا عند البوابة مع غروب الشمس فسمع السلطان ذلك النداء فعرف أنه ولي من أولياء الله الصالحين، وبذلك جزع الوزير من الموقف وقال لم أكن أعرف، ولكن السلطان أمر بقتل وزيره وقطع رأسه، أما سيدي الحلوي فجمع الناس عظامه المتناثرة ودفنوها في ضريح يليق بمقامه.
عنوان الكتاب
حلمي التوني


من حكايات الشعوب (حكاية عربية - الجزائر)
الحسد - قصص الأطفال
الثواب والعقاب
الحكمة