مقطع تتحدث القصة عن رجل فقير اسمه (محمد)، من صفاته التواضع؛ زار يوما أحد الأماكن التي يعشقها في (مشهد) المقدسة لرؤية قبر الإمام (علي بن موسى الرضا) عليه السلام؛ حيث ذهب مع أصحابه بقافلة فشاهد قبره وقضى أياما ممتعة، ولما قررت القافلة العودة اكتشف أنه أنفق كل ماله؛ فأخبر أصحابه بأنه لن يذهب معهم في القافلة، وسوف يلحق بهم فيما بعد، ولما غادروا جميعاً قال في نفسه: أين أذهب؟ ومن أين آكل وأشرب وأعيش في البلدة؟!! وأنا لا أعرف فيها أحداً!! وذهب في ليلة لوداع مرقد الإمام الرضا عليه السلام، وكانت الليلة دامسة الظلام وشديدة البرد فلم يستطع أن يسير وراء آثار القافلة حتى ضل الطريق ومن شدة الخوف الذي يعتريه كان يسمع أصوات حيوانات مفترسة ويتخيل وحوشا وأفاعي تريد أن تفترسه، ثم أخذ الخوف والجوع يتملكه إلى أن وقف في مكانه لا يقدر على الحركة، زفجأة ظهر أمامه نهر؛ فاقترب كثيرا من الماء حتى شرب وارتوى، ثم توضأ وصلى صلاة المغرب والعشاء جمعاً، وكان في شدة الإرهاق والجوع فارتاح قليلا، وجلس تحت شجرة كبيرة لظلها وقربها للنهر، وأغلق عينيه وهو يشعر بالتعب والخوف من أن تفترسه الحيوانات ثم نام ساعة، واستيقظ وهو أكثر نشاطاً، فشرب القليل من الماء، ثم نظر بعيداً في ظلام هذه الليلة وإذا به يرى فارساً يشع من حوله ضياء ساطع، يمشي متجهاً إليه على حصان أبيض جميل حتى وصل إليه، وإذا به إنسان عادي كأي إنسان؛ فخاف منه وقال في نفسه: يمكن أن يكون مسالماً ولا يؤذيني بإذن الله. اقترب الفارس من محمد وسلم عليه بلطف، وبابتسامة وادعة قال: يا محمد؛ لقد انتهت مشكلتك، ثم دله على الطريق، وأعطاه ثلاث بطيخات تسد من جوعه، فراح الفضول يدور في محمد حتى سأله من تكون أنت يا سيد؟ فأجابه ألم تعرفني؟ أنا إمام الزمان يا محمد! قال محمد: بلى يا سيدي، عرفتك، ولكن الفضول كان يعتريني. وبعد ذهابه أحس محمد ببهجة وسعادة لم تمر عليه قبل هذا اليوم؛ فراح يعترف بسره هذا إلى أصدقائه، وكسر معهم ما تبقى من البطيخات، فنزلت برداً وسلاماً على نفسه.
عنوان الكتاب
عبد الله الجعفري
حسين الصافي


الإيمان بالله