مقطع تحكي هذه القصة أن "صلاح الدين الأيوبي" ولد في يوم يغالب التعب، وكانت تكريت مدينة من مدن العراق القديمة، بنى فيها الفرس قلعتها الحصينة ليراقبوا أعداءهم من الروم، ثم أصبحت تحت حكم العرب في عهد "عمر بن الخطاب". قضى "أسد الدين" زمناً وهو يتجول في تلك الليلة، وقد رقد الناس واشتد الظلام، وسمع صوت امرأة تستغيث طالبة النجدة فاندفع إليها أسد الدين، فرأى امرأة ممزقة الثياب، ورأى رجلا أراد أن يعتدي عليها فجاءها أسد الدين وأنقذها فقتله. عندما التمس أسد الدين أن ابن أخيه قد أصبح فارسا شجاعا، ورأى أنه يعمل بكل حزم وشدة عينه واحداً من قادته في جيش "عماد الدين" وعندما استنجدت مصر به دخل جيش عماد الدين مصر من الشام وواجهوا جيش الفرنجة، فاضطر أسد الدين وصلاح الدين الأيوبي أن يواجهوا الجيش، ولكن في النهاية خرج الجميع من مصر بعد الاتفاق، وهكذا لم ينجح أحد في حكم مصر، ومرت سنتان وهما يزينان "لنور الدين" فتح مصر بعد وفاة عماد الدين زنكي، وتمكن صلاح الدين من أن يقضي على هذا الخائن ويقتله باسم الخليفة الفاطمي، وتراجع الفرنجة عن مصر بعد قتل عميلهم، فعين أسد الدين وزيراً له في مصر، ولكن مات بعد شهرين من الوزارة. حزن صلاح الدين لفقد عمه وسنده، ولم يعش الخليفة الفاطمي طويلاً فوجد الفرصة سانحة لتوحيد الخلافة، فقطع صلاح الدين الخطبة للخليفة الفاطمي ودعا على المنابر للخليفة العباسي موحداً العالم العربي الإسلامي تحت خلافة واحدة. أدرك صلاح الدين أن توحيد مصر والشام يضمن له قوة عسكرية واقتصادية تمكنه من هزيمة الفرنجة، وسنحت الفرصة لصلاح الدين، ولكن توفي نور الدين زنكي وعين ابنه إسماعيل، ولكن أعمامه لم يتركوه وشأنه فطمعوا عليه، وخاف صلاح الدين أن تذوب المملكة وتتجزأ، فقرر أن يضم إليه دولة نور الدين ويوحد مصر وسورية، وبعد أن تم توحيد مصر وسورية في سنة 570 للهجرة بقي على صلاح الدين أن يعزز قوته، فقضى ست سنوات بنى فيها الحصون والقلاع، وعمل الكثير وطور الأسلحة الحربية، وهكذا هيأ نفسه للجهاد الأعظم. ضعف حماس الفرنجة بعد الحروب التي استمرت بينهم وبين عماد الدين زنكي وابنه نور الدين، وحين وحد صلاح الدين مصر وسورية تضاعف خوفهم. هاجم صلاح الدين فرنجة الساحل، وانتصر عليهم في معركة (مرجعيون)، وضمن أنهم لن يستطيعوا إنقاذ إماراتهم في الداخل. اتجه صلاح الدين إلى الكرك والشوبك وبيت المقدس وقطع على الفرنجة مورد الماء، فجرت بينه وبينهم معارك صغيرة. وبعد إحدى المعارك، جلس صلاح الدين في خيمته، ثم استدعى ملك بيت المقدس وأرناط، وكان الملك يلهث من العطش فقدم له صلاح الدين شراباً بارداً فشرب نصفه وناول البعض إلى أرناط، غير أن صلاح الدين قال للملك الفرنجي: (لقد أذنت لك أن تشرب ولم أسمح لهذا الرجل) فهو كان يرى معاقبته على أفعاله. لما وردت أنباء انتصار صلاح الدين على فرنجة الساحل زاد قلق الفرنجة، وتحركوا ثانية، فوجه صلاح الدين جيوشه إلى عكا وفتحها واستولى على نابلس وحيفا والناصرة ثم حرر بقية مدن فلسطين، وكان هدف صلاح الدين تحرير مدينة القدس، فهي قبلة أنظار المسلمين. حينئذ ذهب صلاح الدين بالمجانيق، واقتحم خندق المدينة إلى سورها ثم نقب السور، ولما أيقن الفرنجة أن النصر حليفه عرضوا عليه الصلح والتسليم. عادت القدس إلى أهلها وسرى نبأ فتحها في البلدان، وكان عام خير وبركة حج فيه الناس إلى بيت المقدس. وهكذا انتهت موجة المد الفرنجي، وأعاد صلاح الدين للأمة كرامتها وأزال عنها ذل الاحتلال الأجنبي، وقد أمضى في سبيل ذلك خمسين عاماً من الجهاد المتواصل حتى تصلبت ساقاه من شدة الركوب وكثرته، فكان المرض المتواصل يأخذ منه، أما عزيمته فلم تنل منها الأيام، فقد كان رجلا شجاعا شهما وكريما ذا عزة، العدل من صفاته، يقتدي به الناس أجمعين. وبمثل هؤلاء انتصرت أمتنا على أعدائنا.
عنوان الكتاب
فالح فلوح


بطولات عربية
صلاح الدين الأيوبي
العسكريون العرب - تراجم
الفتوحات الإسلامية
الدولة الأيوبية
التاريخ الإسلامي