مقطع تذكر القصة أن أضواء سيارة قادمة من الإسكندرية بدأت تزداد إذ كانت متجهة نحو المقهى، حيث نزل سائقها وقال بسرعة: السلام عليكم، أريد ماء للسيارة، مؤشر الحرارة قد ارتفع ولا ماء عندي. أحضر "زاهر" الماء للرجل الذي شكره، ومد يده في جيبه يريد أن يخرج نقودا وقال: أنا تحت أمركم. فابتسم العم "أمين" وقال: أعوذ بالله، ماذا جرى في الدنيا يا أولاد، أتريد أن تدفع ثمن الماء؟؟!! إننا لم نقدم لك شيئا!! قال الرجل: ولكن هذا محل لأكل العيش، ومن حقك أن تأخذ ثمن أي شيء، ولقد قدمت لي معروفاً. قال العم أمين: أنا لم أقدم لك ماء معدنياً، إنما قدمت إليك ماء من الماء الذي نشربه وهذا لا نأخذ عنه شيئاً. قال الرجل: لكنك تدفع ثمناً لهذا الماء أيها الرجل الطيب. قال العم أمين: ثمنه قليل ولا يستحق مثل هذا الذي فعلت، وما نقدمه من ماء للناس يخلف الله علينا بأكثر من ثمنه. قال الرجل: أخلف الله عليك دائما أيها الرجل، وشكرا لله ولك، ولا بد أن أشرب أنا أيضا من مائك العذب فإنه ماء مبارك، لأن صاحبه رجل مبارك. قال أحد الرجلين: إن العولمة سوف تجعلك في يوم من الأيام تأخذ من مثل هذا الرجل ثمناً لما قدمت إليه من ماء؛ لأن كثيرا من الدول لا تعرف إلا ثمناً لكل شيء، فلا تعد في حسبانها شيئاً اسمه الإنسانية ولا شيئاً اسمه الدين، وإنما عندها عمل يساوي عملاً، وتعرف أن لكل شيء ثمناً. قال العم أمين: إن العولمة إذا كانت بهذا المعنى فأنا أحب أن أكون محلياً بعيدا عنها وعما تدعو إليه. قال زاهر: إن لكل شعب من الشعوب عاداته وتقاليده ودينه وطباعه وأخلاقه، وعلينا أن نأخذ من حضارة الغرب ومن سلوكياتهم ما يتناسب وأخلاقنا. قال أحد الرجال: إن الناس أذكياء لا يأخذون من الغرب إلا ما يناسب عاداتهم فهم لا يتأثرون بما في أفلامهم إلا ما يناسب ديننا. قال زاهر: إن التقليد الأعمى هو المذموم ولكن التقليد في الأمور النافعة واجب وليس عيباً. قال العم أمين: إن أبنائي يشاهدون التلفاز ولم يتأثروا به إلا في البرامج المفيدة، وإن هذا الرجل جاء مستغيثا بنا وإن إغاثة الملهوف من أمور الدين.
عنوان الكتاب
مبروك عطية
عادل البطراوي


موسوعة العولمة والحضارة المتجددة للأطفال والناشئة
الأخلاق