مقطع تتحدث القصة عن أديب وفيلسوف وعالم عربي اسمه (عمرو بن بحر بن محبوب ) ولد في عصر الدولة العباسية في مدينة البصرة في 159 هجرية، ، وكان من أسرة فقيرة، فقد أباه الأب وهو صغير، فاضطر ليبيع الخبز والسمك ليساعد أسرته، ولكنه لم يهمل الذهاب إلى الكتاتيب؛ ليتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن والشعر. توفي بعد أن عاش أكثر من تسعين عاما، وفي حياته أكثر من ثلاثمائة وخمسين كتابا في مختلف العلوم. لقب بالجاحظ لجحوظ عينيه. ومن صفات الجاحظ أنه كان قصير القامة، مشوه الوجه وأسود البشرة ، يمتلك صفات ميزته عن غيره، منها : الأمل في الحياة، والطبع المرح، وذكاء العقل، وكان يرد على إساءة الناس إليه بابتسامة ! وفي أحد الأيام أتت امرأة منقبة وأخذت بيده وذهبت به إلى دكان الصياغة وقالت للصائغ : أنه مثل هذا وذهبت.. فتعجب الجاحظ من تصرف هذه المرأة، فسأل الصائغ عن هذه المرأة ،فضحك الصائغ ثم قال: انها طلبت مني أن أرسم صورة شيطان على خاتمها فقلت لها : كيف أرسم الشيطان وأنا لم أراه أبدا ؟! فذهبت وأحضرتك ،أي إنك تشبه الشيطان ، فأرجو أن تسامحني ؛ لأني سوف أرسمك على خاتمها لأنها طلبت مني هذا الأمر. وكان هناك مكان يجتمع فيه الشعراء والأدباء اسمه ( سوق المربد ) ولأن الجاحظ كان ذكيا ، ولديه القدرة على أن يحفظ ما يسمعه، فقد تعجب منه الكبار الذين كان يجادلهم ، وكل يوم كان يرجع إلى البيت وبيده الكتب وكراسات مكتوبة؛ فتتعجب الأم من هذه الكتب ! وفي يوم طلب الجاحظ من والدته أن تعد له الإفطار، فذهبت الأم وبعدها جاءت وبيدها الكراسات وقالت: لا يوجد لدينا غير هذه الكراسات، فذهب الجاحظ إلى مسجد البصرة، ورآه أحد المشايخ فسأله عن سبب حزنه، فقال له ما حدث مع أمه ، فأخذ الجاحظ إلى بيته، وقدم له الطعام والشراب، ثم أعطاه خمسين دينارا، فتعجب وقال هذا المبلغ كبير، وكيف أسدده؟! فرد عليه وقال: سترده بإذنه تعالى، ثم نصحه بأن يشارك مشايخ المسجد في رحلة خارج البصرة. رجع الجاحظ إلى البيت وبيده الطعام لأمه ، وترك لها ما تبقى من المال، فتعجبت وسألته من أين أحضرت المال؟! فقال لها وهو مبتسم من الكراسات ! وعند ذهابه للرحلة ـ وهو في الثانية عشرة من عمره ـ كان أصغرهم بالرحلة ، فلم يهتموا بوجوده، ولكن بعد أيام دهشوا به ،وكانوا يجلسون حوله، وهو يحدثهم ويروي لهم الأشعار والروايات. صادف كثيرا من الشعراء في رحلته ، وكان يكتب كل ما هو جديد في كراريسه، وزادت ثقته بنفسه كثيرا، بعد أن يلقى عليهم القصص والروايات. وعندما رجع إلى البصرة قرر أن يكتب الشعر، ويكسب من ورائه ، ولكنه أحس بأنه لا يستطيع فعل هذا الشيء. وفي أحد الأيام كان يكتب الشعر ويقرأه على أصحابه، ولكن لم يعطوه أي اهتمام ، فقرر أن يكتبه وينسبه لابن المقفع ؛ فيردده عليهم ؛ فيعجبون به ويقدرونه بعد ذلك . ولما أعجبتهم الأشعار قال في نفسه : ما دامت أشعاري تعجبهم سوف أقول لهم حقيقة الأمر. ومع مرور الأيام وصل اسم الجاحظ إلى الخليفة المأمون ؛ فدعاه إلى قصر الخلافة ، وعبر له عن مدى إعجابه بأسلوبه وبأشعاره، وأمره بالبقاء لتولي ديوان الرسائل ، وهذا يعتبر منصبا كبيرا جدا ، ولكنه فكر جيدا وقال : هذا المنصب سوف يجعلني مقيدا ! أما التأليف فسوف يجعلني رجلا حرا طليقا؛ فاعتذر للخليفة المأمون عن هذا المنصب. وبعد أن تعدى التسعين من عمره أصيب بمرض، وقد كان عاجزا عن الحركة ، ولكنه استمر في القراءة والكتابة . وفي المساء سقطت عليه كتب كثيرة؛ فوجدوه ميتا وهو مبتسم!
عنوان الكتاب
أحمد الشيخ


عظماء عاشوا بالأمل
الجاحظ
الأدباء العرب