مقطع إن الإنسان إذا تسامح، أو عبر عن سلوك متسامح، فمعناه أن يشعر الآخر، الذي يعيش معه بالأمان، ويأخذ رأيه بعين الاعتبار، ويقبل حججه؛ وبذلك يكون مفهوم التسامح مرتبطا ارتباطا عميقا بمفهوم الأمن والسلام؛ فالأمن هو لازمة طبيعية لمفهوم التسامح، وإذا كان مفهوم الأمن والسلام يعني غياب الحرب والصراع ووجود الأمن المجتمعي، فإن هذا يعني وجود التسامح كضرورة حيوية لمفهوم الأمن والسلام. ويبقى العنف في النهاية هو الصيغة المقابلة لمفهوم التسامح؛ فالعنف التعصبي أو العدواني هو نقيض التسامح؛ لأن التسامح هو التصور المنافي لأي ممارسة للعنف والتسلط والعدوان. ويقصد بالعنف التعصبي: جميع التصرفات والأفعال التي يقوم بها شخص تجاه شخص آخر، تؤدي إلى إيذائه جسدياً، أو معنوياً، ويسبب العنف مجموعة من الأضرار، والتي تختلف بدرجة تأثيرها المؤذي، ويعتبر أي تصرف عنيف، غير مقبول وبعيد عن الأخلاق؛ لأنه يعرض حياة الأشخاص للخطر، والذي قد ينتج عنه حدوث العديد من الجرائم. ويعرف أيضاً بأنه: استخدام القوة لتهديد شخص، أو مجموعة من الأشخاص بطرق تلحق الأذى والضرر بهم. ومن ثم فإن العنف هو أي سلوك أو فعل يصدر عن طرف؛ فرد أو جماعة، ويحدث أضرارا جسدية أو معنوية ونفسية ويكون باللسان أو بالجسد أو بواسطة أداة. والعنف دليل عدم اتزان، سواء نتج عن الإثارة أو الاستفزاز أو التسرع أو ضعف قوة الحجة… وهو رد فعل غير سوي، له عواقب جسدية ونفسية شديدة على الآخرين. وسواء نظرنا إليه كنمط من أنماط السلوك، أو كظاهرة اجتماعية، فهو فعل وآفة تستحق التحليل والعلاج. إن ظروف الحياة تجبرنا على أن نتعامل مع مختلف أنماط الشخصية، وهذا التعامل لا يعني أننا في اتفاق دائم معهم، فقد نتفق أحيانا ونختلف أحيانا، فلماذا يصر البعض على فرض آرائهم على الآخرين، ويستميتون ليجعلوا منهم صورا مكررة لهم؟! أليس من الأفضل الأخذ بأكثر من رأي ليستفا من وجهات النظر الكثيرة المختلفة؟! بإمكانك أن تستمر في النظر إلى العالم من كُوة جدارك، لكن لا يمكنك أن تجبر العالم أجمع على النظر من خلالها! إننا نحتاج إلى تعلم ثقافة الاختلاف لا الخلاف؛ فليس كل ما يُعجبنا بالضرورة يُعجب الآخرين، وهناك أمور عديدة فيها اختلاف وكذلك المعتقدات والأذواق، فليس ـ بالضرورة ـ أن كل ما يناسب شخصا يناسب الآخر.
عنوان الكتاب
فتحي صالح
زكريا عبد العال


نحو عالم آمن ونظيف
السلام
الحرب