مقطع إن الله تعالى كلف الخلق بعبادته، والقيام بفرائضه، وبعث الرسل؛ رحمة للعالمين ، وما تعبد به الخلق مأخوذً من عقل متبوع وشرع مسموع ، وتوجه التكليف إلى من كمل عقله؛ فأرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . والتكليف يجمع أمراً بطاعة ونهياً على معصية ، فكان التكليف مقروناً بالرغبة والرهبة ، وإن قصص الأنبياء وأخبار القرون عظة واعتبار، تقوى معهما الرغبة وتزداد بهما الرهبة ، ثم جعل العلماء بعد رسول الله  يستنبطون ما نبه على معانيه ، وأشار إلى أصوله ، ليتوصلوا بالاجتهاد إلى العلم المراد ، ويختصوا بثواب اجتهادهم ، فإن الكتاب أصل والسنة فرع، واستنباط العلماء إيضاح وكشف ، وكان من رأفته بخلقه ، وتفضله على عبادة ، ورفع الحرج عنهم فيما تعبدهم ليكونوا ناهضين بفعل الطاعات ومجانبة المعاصي ، وجعل ما كلفهم به الله ورسوله ثلاثة أقسام قسماً : أمرهم باعتقاده وهو قسمان : إثبات ونفي ، فالإثبات: توحيده وصفاته وبعثته ورسله وتصديق محمد  ، والنفي: فنفى الصاحبة ، والولد ، والحاجة والقبائح أجمع . وقسم أمرهم بفعله، وهو ثلاثة أقسام: قسم على أبدانهم : كالصلاة والصيام ، وقسم على أموالهم كالزكاة والكفارة ، وقسم على أموالهم وأبدانهم : كالحج والجهاد ، وقسم أمرهم بالكف عنه، وقسم لأحياء نفوسهم وصلاح أبدانهم كنهيه عن القتل وأكل الخبائث والسموم وشرب الخمور . وكان أول ما فرض بعد تصديق نبيه  عبادات الأبدان وقدمها على زكاة الأموال، وقدمها على ما يتعلق بالأموال ، وقدم الصلاة على الصيام؛ لأن الصلاة أسهل فعلاً وأيسر عملاً ، ثم فرض زكاة الأموال، وقدمها على فرض الحج؛ لأن الحج إنفاق المال وسفر شاق، وأما المحرمات كشرب الخمر، فمنها ما تكون النفوس نافرة منها، والشهوات مصروفة عنها كأكل الخبائث وشرب السموم ، ورياضة نفسك لذلك تترتب على أحوال ثلاث وكل حالة منها تتشعب : الأولى : أن تصرف حب الدنيا على قلبك فإنها تلهيك عن آخرتك . الثانية : أن تصدق نفسك فيما منحتك من رغائبها وأنالتك من غرائبها . الثالثة : أن تكشف لنفسك حال أجلك وتصرفها على غرور أملك حتى لا يطيل لك الأمل أجلاً قصيراً .
عنوان الكتاب
إبراهيم الإبياري
عادل البطراوي


أدب الدنيا والدين
التربية الدينية
التربية الإسلامية