مقطع تحكي هذه القصة أنه كان هناك رجل غني من أغنياء البلد طلب ذات يوم من ابنه أن يعمل، فشعر الابن بالحيرة والتعجب من طلب أبيه، وعندما علمت الأم بالخبر حزنت وتعجبت لماذا يفعل ذلك بابنه وهو من أحب الناس إليه، فحاولت أن تقنعه بالرجوع عن قراره ولكن الأب كان جادا وحاسما. وهذا القرار الصادر من الأب بسبب حبه لابنه حتى يصبح رجلا يعتمد على نفسه ويستطيع مواجهة قسوة الأيام، عند حلول صباح اليوم التالي كان الولد عابسا خائفا لأنه سوف يعمل بيده للمرة الأولى، وذهب إلى مكان تجمع العمال فرأى رئيسهم يمسك عصا ويصرخ عليهم، فأحس أنه لن يستطيع القيام بهذا العمل، ولكنه لا يستطيع أن يعود إلى المنزل لأن والده سوف يغضب منه، ففكر بحيلة وهي أن يقضي اليوم في اللعب في المروج الخضراء ثم يعود مع الغروب ويأخذ الأجرة من أمه، عند حلول الغروب أسرع الولد إلى أمه وحكى لها عن قصته وأخذ يبكي فرقّ قلب الأم وأعطته الأجرة، وعندما أتى الأب استقبل ابنه بالحب والمودة وطلب أن يعدّوا له طعام العشاء وعندما انتهى الابن من الطعام أخذه الوالد إلى الشُرفة التي تطل على النهر وسأله عن الأجرة فأعطاه الأجرة التي أخذها من أمه فأخذ الأب الأجرة ورماها في النهر، فتعجّب الولد من فعل أبيه ولكنه لم يُعلّق. وفي صباح كل يوم كان الولد يخرج يسرح ويمرح ثم يعود عند الغروب ويأخذ الأجرة من أمه ويعطيها لأبيه والأب يرميها في النهر. وفي يوم من الأيام قالت له الأم بأنها لن تستمر في الكذب، ولن تعطيه المال ويجب عليه العمل. فأغلقت الأم باب الحيلة فاضطر أن يذهب للعمل، وفي الصباح وفي طريقه إلى العمل رأى الأولاد وهم يغنون وأخذ يغني معهم وزاد حماسه، ورأى أن الرجل الذي يمسك العصا لا يضرب إلا من خرج عن النظام فذهب إلى الحقل وأخذ يعمل معهم وعند الغروب عندما أخذ أجرته أحس لأول مرة بقيمة العمل والأجرة وقيمة كل شيء من حوله، وعندما عاد إلى المنزل شعرت أمه بغاية الفرح، وفي هذه المرة عندما طلب الأب الأجرة ومد يده ليرميها في النهر أمسك الولد بيد أبيه وتوسّله بأن لا يلقي هذه الأجرة في النهر، فتبسّم الأب وكان في غاية الفرح فقد تأكّد أن ابنه عَمِل حقا وأنه يستطيع أن يعمل وحده في المستقبل، وقال له إنه يمكنه أن يستريح غدا من العمل ولكن الولد لم يرضَ فقد عرف قيمة العمل وأحبّه.
عنوان الكتاب
فريد محمد معوض