مقطع يحكي هذا الكتاب عن إحدى الشخصيات المسلمة النابغة وهو “إبراهيم ناجي" الذي ولد في القاهرة 31كانون الأول من ديسمبر 1898. عاش إبراهيم ناجي مع والده "أحمد ناجي" الذي كان يملك مكتبة ضخمة وورثها عيشة طيبة وغنية. كان إبراهيم متفوقا في دراسته لذلك أعطاه أبوه هدية وهي قصة لـ "كوبر دافيد". أنتج أول قصيدة شعرية وهو في الثانية عشرة من عمره وكانت عن الغزل، هنا عرف أبوه أن له موهبة كبيرة لذلك بدأ يعطيه الدواوين الكبرى للشعراء. من الطبيعي للذي يحب الشعر أن يلتحق بالقسم الأدبي، ولكن الغريب هو أنه التحق بالقسم العلمي ثم بكلية الطب، والطب والشعر يتفقان في جوهرهما الإنساني، فكان يدرس الطب بالطريقة الفنية والشعر بالطريقة العلمية وهو يقصد يجب الدقة في كل عمل. فقد أسعدت تلك الطريقة زملاءه. بعد أن تخرج في كلية الطب التحق بوظيفة في عيادة افتتحت بالقاهرة، ثم نقل إلى سلك السكك الحديدية، ومن ثم إلى سوهاج، ومن ثم إلى المنيا، ومن ثم إلى المنصورة، فكان يزداد تألقا ونجاحا في مهنته. كانت شخصيته لها بعض الميزات، كان ذلك الفنان القلق الحائر يلهمه الكون ويحيره كل شيء يستهوي كل من يتصل به، كان يحب الجميع، ولا يداهن أو يغتاب أو يشي، ولا ينم ولا يتكبر لذلك كان من الصعب توجيه نقد لشخصيته، إلى جانب ذلك كان سريع الانفعال كثير الأوهام طاغي الحس رقيق المشاعر، ومن عاصرهم من الشخصيات الأدبية هم البارودي وخليل مطران. كانت تسمى الجماعة التي هو بها جماعة أبولو. كان شعر إبراهيم ناجي عبارة عن مناجاة لوجدانه الذاتي بما فيها من ألم ولوعة في روح العاشق المتعطش لذلك، كان ذلك راجعا إلى فشله في الحب الأول الذي كان من طرف واحد، فقد عاش طوال حياته معذبا بفشله، لكن مع ذلك أنتج تراثا عربيا ضخما وهو من أروع الشعر الوجداني، كانت القصة والرواية هما اللتان صاغتهما المرحلة الرومانسية وعبرت بهما عن أخلاق العصر. ويعتبر "محمود كامل" خير مثال لهذا الاتجاه في المرحلة الرومانسية، فقد كتب كثيرا من القصص والروايات وهو لا يخرج عن الدائرة التي حصر فيها نفسه، لذلك عاصر إبراهيم ناجي وعاش عيشته، فكانت مشابهة لحياته وقريب. يعتبر من أكثر كتاب القصة القصيرة والرواية لذلك تعتبر قصصه القصيرة ترجمة ذاتية عن نفسه، وتعبر عن تجاربه وحياته وأصدقائه والكتاب الذين اصطحبهم في رحلاته. أهم ما كان يميز كتاباته هو أنه كان يبتعد عن الموضوعية والواقعية، لذلك خالف من عاصرهم وكانت عبارة عن موهبة تميزه، فقد اعتمد على أن يكون خبرا يسرد في أقصر وقت وأبرع أسلوب في أكثر ما يستطيع من طرق تشويق، لذلك يجب أن يتوافر فيها كما يتوافر في القصيدة من سمو المعنى واختيار اللفظ والتركيز والقوة والحرارة، وترسم الشخصيات بسرعة وإيجاز، لذلك فرق بين القصة والرواية وقال من يكتبها يعتبر ذكيا بأنه يختصر الرواية بسطر، ودائما يشبهها بأنها كالقصيدة. كان خياله يتميز بإطلاق العنان للتصورات بما يعين عليه من الاستعارات والكنايات، وأسلوبه كان يتميز أنه ينبع من موضوعه، فكان هناك مواءمة بين الصياغة والموضوع، فبقدر ما يكون الشاعر مثيرا بقدر ما يكون محل نقاش للجدل، وهذا مما أثر به في حياته، وكانت عبارة عن صدمة أولى له، أما الصدمة الثانية فهي عبارة عن وقوف "طه حسين" ضده بعد أن توقع أنه سوف ينصفه إلى الحق. أما الصدمة الثالثة فقد عرف عنه أنه الشاعر بين الأطباء والطبيب بين الشعراء فاتهمه أعداؤه الحاقدون بأنه لا هذا ولا ذاك، فكانت هذه الصدمة الأخيرة في حياته بعد أن توقع التكريم له لما صنعه، وأنه لم يهتم بصحته منذ البداية فكيف بالنهاية؟ لذلك تدهورت صحته إلى المرض، فمات في القاهرة في الرابع والعشرين من آذار مارس 1953، لكن على الرغم من كل ذلك فما زالت سمعته راسخة عن كل ما هو طيب عنه وجهوده العالية، فأصبح أثره محلقا بالسماء وجسدت شخصيته.
عنوان الكتاب
فؤاد حمدو الدقس


الشخصيات الأدبية
إبراهيم ناجي
لا يوجد بيانات