مقطع قصة ممتعة على لسان (أرنوب) الذي يتكلم حكايته ويقول: كنت شجاعا وسريعا في الجري، وكنت أجري أمام أي حيوان، وكان يسكن بالقرب منا القط (مشمش) والديك (كركر) والإوزة (زيزي) وكنت ألعب معهم، كانوا يحلون مشاكلهم بالود والحب والتفاهم، ويضربون بعضهم بحب، ويتفاهمون ولا يقتنعون إلا بالعض والكدمات. والقط مشمش كان أكثرهم إقناعا بمخالبة المقوسة الحادة، وقفزاته السريعة، وصياحه العالي، وضرباته القوية، وإذا أراد أن يتشاور معي، ويطلب مني الجزر، أعرف أنه يداعبني؛ لأنه لا يأكل الجزر، فأعطيه بكل ذوق وأدب فيسألني: لماذا لا تدافع عن أشيائك؟ فأجيبه: لأني مقتنع بكلامك. فيسير متفاخرا قائلا: أنا أحب الحق والتشاور. وكان أبي يغضب مني؛ لأنه يعتقد أني جبان، ولكني كنت أقول أنا مهذب وقنوع؛ فبدأ يعلمني الرياضة، وكنت أجري معه، وكان يعلمني الملاكمة؛ فلاحظ أبي ضعفي عندما وقعت صريعا بعد حركة مصارعة بارعة منه وقال لي: أنت ضعيف؛ لأنك لا تأكل جيدا، ولا تملك الثقة بنفسك. كان أبي على حق؛ فأقبلت على الأكل لأبني جسدي، وعلى القراءة لينمو عقلي، وبدأت أجري تدريجيا مع أبي، وكان يطلب مني أن أردد: أنا (أرنوب) بطل الغابة. تفوقت في رفع الأثقال، ولم يكف أبي عن بث الحماس فيّ، واستمررت في التدريبات الرياضية والثقة، وفي يوم كنا نلعب المصارعة فطار أبي في الهواء، وسقط بضربة مني، وكنت أردد بثقة أنا (أرنوب) بطل الغابة. وفي يوم قابلني القط (مشمش) وطلب مني الجزر قائلا: هات الجزر يا ولد يا (أرنوب). فنظرت إليه بقوة وقلت: عندما تطلب شيئا اطلبه بأدب. فنظر إلي، وأظهر مخالبه المقوسة؛ فأخذت أقول: أنا (أرنوب) بطل الغابة. وهجم علي القط (مشمش) وبدأت استعد للجري السريع، وظهر الديك (كركر) والإوزة (زيزي)، فأخذت أردد أنا (أرنوب) بطل الغابة، لطمني القط مشمش؛ فأمسكت بيده بقوة ورفعته لأعلى، وقذفته في الهواء فصرخ قائلا: لا أحب اللعب بهذه الطريقة. وفي اليوم التالي ذهبت للقط (مشمش) ومعي سمكة كبيرة، واعتذرت منه فقبل اعتذاري والتهم السمكة، وحرصت ألا أستخدم قوتي إلا بالحق وبالدفاع عن النفس وأن أحب أصدقائي.
عنوان الكتاب
علي ماهر عيد
رفعت عفيفي


حكايات من الغابة
لا يوجد بيانات