مقطع هي إحدى القصص التي ترويها (شهرزاد) لأختها أمام الملك (شهريار)، وتذكر فيها أن تاجرا كثير المال و السفر خرج ذات يوم ليطلب بعض البلاد، فاشتد عليه الحر، وجلس تحت شجرة نخيل يأكل التمر، ولما انتهى رمى النواة، وفجأة ظهر عفريت طويل، وبيده سيف مسلول. اقترب العفريت من التاجر، وقال له: إنه سيقتله مثلما قتل ولده؛ فتساءل التاجر عن كيفية قتله لولده؟! فأجابه العفريت أنه أصابه بالنواة التي رماها على صدره فمات فورا. فذكر التاجر الله تعالى، وطلب من العفريت أن يسامحه لأنه لم يقصد قتل ولده وكان ذلك بالخطأ، لكن العفريت رفض مسامحته، ورفع سيفه ليضربه؛ فطلب منه التاجر أن يدعه يذهب إلى بيته ليرد للناس حقوقها؛ لأنه كان قد فوض أمره إلى الله في ديونه الكثيرة وأهله، وقطع على نفسه عهدا أنه سيعود إلى نفس المكان ليفعل به ما يريد في ليلة رأس السنة. سمح له الجني بالعودة إلى بيته بعد أن وثق به؛ فرجع التاجر إلى بلده و أعطى الحقوق إلى أهلها، وفي ليلة رأس السنة توضأ وأخذ كفنه، وودع أهله، وذهب إلى المكان المحدد. وبينما هو جالس يفكر فيما جرى له أقبل إليه شيخ ومعه غزالة مقيدة؛ فسلم عليه، وسأله عن سبب جلوسه منفردا في ذلك المكان الذي هو مأوى الجان؛ فأخبره التاجر بما جرى له فتعجب الشيخ، ورفض أن يغادر من عنده حتى يشاهد ما سيجري له مع العفريت؛ فجلس بجانبه، وبينما هما يتحدثان أقبل إليهما شيخ ثان، ومعه شبلان أشقران من الأشبال المدربة؛ فسألهما كذلك عن سبب جلوسهما في ذلك المكان وهو مأوى الجان؛ فأخبراه بالقصة. وما إن جلس معهم حتى أقبل إليهم شيخ ثالث، ومعه بغلة فسألهم أيضا نفس السؤال، وأخبروه بالقصة فجلس عندهم، وإذا بغبار وزوبعة فانكشف عن جني وبيده سيف فأتاهم وأخذ التاجر من بينهم ليقتله؛ فخرج من بين الشيوخ الثلاثة صاحب الغزالة وطلب من الجني أن يعطيه ثلث دم التاجر إذا أعجبته القصة التي سيرويها، فوافق العفريت، وروى الشيخ قصته؛ وهي أن الغزالة التي معه هي ابنة عمه، و كانت زوجته، أقام معها ثلاثين سنة لكنه لم يرزق منها بولد، فتزوج بأخرى، ورزق بولد منها، فكبر الولد حتى صار عمره خمسة عشر سنة، فاضطر هو للسفر، وكانت ابنة عمه (الغزالة) تجيد السحر؛ فقد تعلمته منذ صغرها، فسحرت ذلك الولد وحولته إلى عجل، وأمه حولتها إلى بقرة، وسلمتهما إلى الراعي، وعندما عاد الرجل من سفره لم يجد ولده وأمه؛ فبقي حزينا إلى أن جاء عيد الأضحى، فطلب من الراعي بقرة فأحضر له زوجته المسحورة، وما إن أخذ السكين ليذبحها حتى صاحت وتوسلت إليه كي لا يذبحها؛ فتعجب وطلب من الراعي أن يحضر غيرها، لكن ابنة عمه أصرت عليه لكي يذبحها فأمر الراعي بذبحها وسلخها فلم يجدوا فيها غير الجلد والعظم، فندم وطلب من الراعي أن يجلب له عجلا سمينا، فأتاه بولده المسحور؛ فلما رآه العجل أقبل عليه وهو يبكي، فشعرالرجل بالرأفة لحاله، لكن زوجته ألحت عليه لكي يذبحه، فطلب من الراعي أن يذبحه، وما إن أقبل الراعي ليذبح العجل حتى حن قلبه عليه، وأوقفه، وطلب منه أن يبقيه مع بقية البهائم؛ فذهب به الراعي إلى بيته. وفي اليوم التالي أقبل الراعي فرحا مبشرا الرجل أن ابنته قد تعلمت السحر من امرأة عجوز، وما إن نظرت إلى العجل حتى عرفت قصته وأخبرته أنه ابن التاجر، وقد سحرته زوجة أبيه، وسحرت أمه التي ذبحها أبوه؛ فخرج الرجل مع الراعي ليقابل ابنته، وطلب منها أن تطلب ما تريده إذا خلصت ابنه من سحره، فطلبت منه طلبين؛ الأول أن يزوجها ابنه، والثاني أن تسحر من سحرته وتحبسها. وافق التاجر على ما طلبت؛ فأخذت إناء وملأته بالماء ثم رشت به العجل وهي تقول له: عد إلى خلقتك الأولى بإذن الله تعالى؛ فانتفض وعاد إنسانا، وأخبر والده بما جرى ثم سحرت الفتاة ابنة عمه، وحولتها إلى غزالة، ثم تزوجت من ابنه. وبعد زمن طويل توفيت ابنة الراعي وسافر ابنه، فأخذ هو الغزالة، وسار بها من بلد إلى بلد حتى وصل إلى المكان الذي يروي فيه حكايته؛ فأعجب الجني بقصته وأعطاه ثلث دم التاجر كما وعده. فقام الشيخ الثاني صاحب الشبلين وطلب أيضا من الجني أن يعطيه ثلث دم التاجر إذا أعجبته قصته؛ فحكى قصته بعد أن وافق الجني على طلبه، وهي أن الشبلين اللذين معه هما أخواه، وهو ثالثهما، ووالده قد مات وترك لهم ثلاثة آلاف دينار؛ ففتح كل منهم دكانا بحصته لكن بعد فترة ليست بطويلة باع الأخ الكبير دكانه واشترى بالمال البضائع، وسافر ليتاجر بها، وغاب سنة كاملة. وفي يوم من الأيام عاد إليه أخوه يطلب منه المال وهو يبكي، فعاد به إلى البيت، وقسم ماله بينهما. وبعد أيام فعل أخوه الثالث، وهو الشبل الآخر، ما فعل أخوه وقصد السفر وغاب ثم عاد كذلك بعد سنة فأعطاه نصف ماله مثلما فعل مع أخيه الآخر. وبعد سنوات ألح عليه أخواه للسفر معهما بعد أن بذرا أموالهما ووعداه بالربح الوفير؛ فعد أمواله وقسمها نصفين؛ دفن نصفا في حديقة المنزل وأخذ النصف الآخر، وسافر معهما ليتاجر به فحملوا البضائع ودخلوا مدينة؛ فربحوا فيها عشرة أضعاف ما كانوا يملكون؛ فقرروا العودة وفي طريقهم وجدوا على شاطئ البحر جارية فقيرة قبلت يد الرجل ورجته أن يصنع لها معروفا وتجازيه عليه؛ فرحب بخدمتها حتى إن لم تجازيه، فطلبت منه أن يتزوجها ويأخذها إلى بلاده، فتزوجها وسافروا معا؛ أما أخواه فقد ازداد الحسد في قلبهما لكثرة ماله و بضاعته، فخططا لقتله لأخذ ماله؛ فرمياه مع زوجته في البحر أثناء نومهما؛ فأنقذته زوجته وسبحت به إلى جزيرة تركته فيها وغابت عنه ثم عادت في الصباح، وأخبرته أنها جنية مؤمنة بالله ورسوله أحبته فأتت إليه بشكل إنسان وإنها غاضبة من أخويه، وسوف تقتلهما؛ فتعجب من كلامها وشكرها على مساعدتها له، وطلب منها أن تعدل عن قتل أخواه، فحملته وطارت به، ووضعته على سطح بيته؛ فأخرج الدنانير المدفونة في حديقة المنزل، واشترى بضائع وفتح دكانه. وعند عودته في المساء وجد الشبلين مربوطين في منزله، فحاولا الاقتراب منه وبكيا، فقالت له زوجته الجنية إن هذين أخواه؛ فقد جازتهما لغدرهما به، وسيبقيان هكذا مدة عشرة أعوام، وهو الآن في طريقه إليها بعد مرور عشر سنوات؛ فتعجب الجني من قصته، ووهبه ثلث دم التاجر كما وعده. فقام الشيخ الثالث صاحب البغلة وطلب من الجني كذلك أن يسمع قصته التي هي أعجب من السابقتين ليعطيه باقي الدم، وحكايته أن البغلة التي معه كانت زوجته الفاسقة التي سحرته بماء كانت تتكلم عليه، فرشته به وطلبت أن يتحول إلى كلب، فصار كلبا في الحال، وطردته من البيت فخرج إلى دكان جزار، فأخذه الجزار معه، وأدخله بيته ولما رأته ابنته غطت وجهها، وأخبرت والدها أن هذا الكلب هو رجل مسحور، وهي قادرة على فك سحره فطلب منها أبوها أن تفك سحره؛ فأتت بإناء ماء وتكلمت عليه ثم رشته على الكلب، وطلبت أن يخرج من صورة الكلب ويعود إنسانا كما كان. فعاد إنسانا، وطلب منها أن تسحر زوجته عقابا على فعلتها؛ فأعطته قليلا من الماء، وطلبت منه أن يرش عليها الماء وهي نائمة، ويطلب ما يريده فتتحول إلى ما طلب ففعل ذلك، وطلب أن تتحول إلى بغلة، فتحولت في الحال وهي معه الآن؛ فسأل الجني البغلة عن صحة ما قاله الشيخ؟ فأشارت برأسها بالموافقة؛ ففرح الجني ووهب الشيخ الثلث الأخير من دم التاجر.
عنوان الكتاب
عبد المنعم هاشمي


حكايات من ألف ليلة وليلة
لا يوجد بيانات