مقطع قصة من السيرة النبوية لسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وتتحدث عن حضور (حليمة) السعدية للبحث عن أطفال في قريش ترضعهم. وقد خرجت حليمة من بيت آمنة أم محمد حاملة محمدا بين يديها، وتضمه بقوة على صدرها، ولقد عجبت من كثرة تدفق اللبن في صدرها عندما أرادت أن ترضع محمدا، وأيضا عجبت عندما ركبت ظهر حمارتها؛ فلقد تركتها هزيلة ضعيفة لا تقوى على المشي إلا بصعوبة، ولكنها وجدتها الآن قوية تمشي بسرعة، وانطلقت حليمة بسرعة، وهي تقول للمرضعات: انظروا إلى هذا الطفل ما أجمله! ولقد كانوا يحسدونها عليه، وقالوا لها: إننا لنرى يا حليمة أنه اليتيم الفقير الذي لم ترضَ امرأة منا أن تأخذه ليتمه وفقره. فأجابت حليمة: نعم، إنه اليتيم الفقير محمد بن عبد الله حفيد سيد قريش عبد المطلب بن هاشم. ثم انطلقت حليمة مع محمد على ظهر حمارتها مسرعة حتى وصلت إلى بيتها في منازل بني سعد قبل المرضعات اللواتي خرجن قبلها من مكة، وحلت قبلهن ببركة الطفل محمد، فنزلت إلى بيتها وغسلت محمدا بماء دافئ وأرضعته وأودعته إلى فراشه الصغير لينام، وأخبرت حليمة زوجها عن هذا الطفل الذي لم يبكِ طوال الطريق، وكان يبتسم وهو هنا في منزلنا لم يبكِ ولم يصرخ إلى الآن، ومنذ أن دخل محمد البيت حلت البركة حيث زادت الأغنام وزاد الخير بوجود محمد. أخذ محمد يكبر في أرض بني سعد المعروف عنهم بفصاحة اللسان واللغة العربية السليمة؛ فأخذ يتكلم اللغة الفصحى وهو صغير، ويمشي وهو صغير؛ فتعجب منه أهل بني سعد. أما أمه آمنة فقد كانت وحيدة في مكة قلبها مع ابنها، وكانت حليمة تبعث برسائل تطمنها على محمد، وأنها عما قريب ستأتي به إلى مكة بعد انتهاء الحضانة، وكانت تقول إن هناك عناية إلهية عظيمة ترعى محمد. وبعد أن انقضت السنتان أتت حليمة بمحمد وكانت آمنة وعبد المطلب بانتظارهما، ولما دخلت حليمة أسرعت آمنة وأخذت الطفل بين يديها، وكان قد انتشر في مكة مرض معدٍ فتاك؛ فخافت حليمة على محمد؛ وأخبرت آمنة أنها ستعود به إذا تخلصت مكة من هذا الوباء. أخذت حليمة محمدا إلى بيتها؛ ليعيش بعيدا عن أهله وأمه ومسقط رأسه، غير أنه مع حليمة لم يشعر بالغربة ولا بالوحشة؛ لأنها كانت بمثابة الأم.
عنوان الكتاب
عبد الرحمن مارديني


السيرة النبوية الشريفة للأطفال
لا يوجد بيانات