مقطع تذكر القصة أنه كان للأسد مستشاران مخلصان من الثعالب؛ أحدهما يدعى (العزيز) والآخر (العادل) لا يبخلان على الأسد بالرأي الصائب، مما كان يغيظ الدب الوزير. وذات يوم عندما كان الثعلبان جالسان تثاءب الأسد؛ فضحك العزيز ساخرا، وتظاهر الأسد بالنوم، وكان العادل زميله ناصحا له فشكره العزيز على ذلك، وحمد الله على صديقه الصدوق، وما إن انتهت المحاورة حتى انتبه الأسد وأمر بحبس العزيز. ذهب العادل للملك حتى يكلمه في أمر صديقه قائلا: أيها الملك؛ إن من عادات الملوك العظام التغاضي عن الهفوات خاصة من أشخاص معروفين بإخلاصهم. وتكلم الدب محرضا الأسد: اعلم أيها الملك أن من أخفى خيانة الخائن فهو خائن مثله، ومن استخف بجريمة المجرم فهو شريكه. فقال العادل: لتعلم أيها الوزير أننا كلنا عرضة للتقصير والخطأ، وإذا لم يشفع المرء للمخطئ فلمن يشفع؟ ومن لم يأخذ بيد صديقه المخطئ حتى يخرجه من خطئه فلا خير فيه، والعفو من شيم الكرام.. ولتعلم أيها الوزير أن جزاء الزلة هو العقاب، وجزاء التقصير اللوم والتوبيخ، وجزاء الخيانة إيقاع العقوبة. وأضاف قائلا: إن الذنب الصادر من صديقي العزيز هفوة غير مقصودة وقد استوفى جزاءه. قال الدب وهو يكتم غيظه: إن عفا عنه الملك تجرأ عليه الآثمين وتضيع هيبته. فأجاب العادل: إن الأسد يعلم أن العزيز لم يخرج عن طاعته، ولم تثبت له خيانة، وخليق به أن يعفو عن هفوته لأنه كريم الطبع. فقال الأسد: سوف أنظر في الأمر. وسكت الدب ثم انفض المجلس.
عنوان الكتاب
عبد الحميد عبد المقصود


حكايات مرزبان الحكيم
لا يوجد بيانات