مقطع في اليوم الثاني من زيارة "حسن" و"زينب" ووالدهما للقرية أخذ العم "أبو أحمد" الصغار في زيارة خاصة، قال لهم: سنذهب يا أولادي إلى بستان جارنا "أبي صخر" لتروا ما حل بأشجاره وزرعه وعين مائه. وهناك وقف الصغار مذهولين، وهم ينظرون إلى الأغصان المنحنية الذابلة، والأوراق المصفرة، وعلى الأرض وجدوا الكثير من الثمار الجافة المتساقطة! صمت عجيب كان يسود المكان، فلا طير يغرد، ولا عصفور يزقزق، وكل ما في البستان كان ذابلا حزينا! قال الأولاد لأبي أحمد مستفسرين عن ذلك، فقال لهم: هذا الجفاف الذي ترونه هو من نقص الماء يا أولادي. وأضاف شارحا: العين التي تسقي بستان أبي صخر قد جفت، و الزروع والأشجار تموت عطشا؛ بسبب ترك أبي أحمد أملاكه للرجل القادم من بلاد أخرى، ويعمل لديه دون مبالاة لما يحدث لأملاكه من ضياع وخسارة. وحكى لهم أبو صخر قصة الذئب، الذي كان يتابع قطيعا من الغنم دون أن يلحق الأذى بها، ولأول وهلة كان الراعي يحذره كما يحذر عدوا، وظل يراقبه بعناية، ولكن حين استمر بمرافقتهم دون أن يحاول خطف شيء منها أو سرقته، اعتقد الراعي بأنه حامٍ له وليس بعدو! وعرض للراعي ما يستدعي الذهاب إلى المدينة، فترك القطيع مع الذئب، وتحت رعايته، ولما رأى الذئب أن الفرصة قد واتته هجم على الأغنام يمزقها إربا إربا، وحين رجع الراعي رأى قطيعه قد تشتت وهلك.
عنوان الكتاب
عبد الجبار ناصر


حكايات الحكيم
لا يوجد بيانات