مقطع تحكي هذه القصة أنه كان في قديم الزمان نملة تقضي كامل يومها في العمل والكد، وتجوب الحقول والمزارع فتجمع ما يعترض طريقها من بقايا الحبوب والبذور وكل ما خف حمله من فتات، تعمل بنظام محكم ومسيرة ثابتة، لتدخر ما تجمعه استعدادا لفصل الشتاء ليقيها من الجوع وآلامه، وكان بجانبها يسكن صرصار يقضي كامل نهاره متخفيا في بيته، وعندما يجيء الليل تراه يخرج ليغني فينطلق مزهوا يصر صريرا رقيقا، وكان الصرّار كلما شاهد النملة في طريقه استوقفها وقال لها: لماذا يا جارتي النملة تكدين وتشقين وتحرصين على ذلك؟ فإني أراك دوما تبحثين عن القوت فلا تهدئين من أن الأكل والحب كثير والخير وفير. ومرت الأيام وأقبل فصل الشتاء والبرد يزداد إلى أن حل الصقيع والثلج ينهمر، فقلّ القوت والحَب، وبدأ الصرّار يشعر بالجوع الذي يشتد عليه يوما بعد يوم، وأخذ الجوع يمزق أحشاءه، فذهب إلى جارته النملة، وكان الصرصار هزيلا ضعيفا فطرق الجحر فأطلت عليه النملة وقالت له: كنت أكد وأشقى زمن الحر ووفرت القوت، ولكنك كنت تلهى عن ذلك ولا يهمك سوى العبث واللهو وهدر الوقت، ثم رمت له بقشر حبة واختفت فتحامل الصرصار على نفسه وهو يردد نادما: يا ويلي ويا حسرتي، لقد تهورت ففرّطت وأسأت التفكير وسوف أهلك.
عنوان الكتاب
الشاذلي بن زويتين
المنصف العياشي


رمزي
أطالع وأفكر
لا يوجد بيانات