مقطع يحكى أن هناك مجموعة من الفيلة، تعيش في أرض ذات عشب طري، وماء عذب، وأشجار فاكهة، وقد كانت تسرح وتمرح فوق الأعشاب، وتشرب الماء العذب، لكن السعادة لا تدوم؛ فذات سنة قلت الأمطار وجفت الينابيع، وأصاب أرض الفيلة جفاف شديد، وباتت الفيلة في جوع وعطش؛ فجاءت إلى ملك الفيلة شاكية من سوء المصير؛ فاقترح عليهم أن تذهب بعض الفيلة إلى الأراضي المجاورة بحثا عن الماء والعشب؛ فاهتدوا إلى واد خصب وجميل، وبه نبع ماء اسمه عين القمر. عادت الفيلة مسرعة إلى ملكهم، وأخبروه بما شاهدوه؛ فأمر الفيل الأكبر بالتحرك نحو هذا الوادي، وفي الطريق كانت الفيلة في هياج؛ فدمرت جحور الأرانب، وتحولت المنطقة الهادئة إلى منطقة تعم فيها الفوضى، وبعد أن أكلت الفيلة وشربت جاءت إليها الأرانب تلملم جراحها، وتهرب عن هذا المكان. وبعد فترة أصبحت الأرانب مجموعة لاجئة، وأخذوا يتجمعون ويقررون مصيرهم فقالت الأرنوبة (فيروز)، وقد عرفت بذكائها: يجب ألا نقاتل، بل نبعث فيهم رسولا؛ فرحّبوا بالفكرة؛ فذهبت (فيروز) إليهم رسولا للفيل الأكبر، وقالت: إن القمر غضبان عليكم؛ لأنكم اعتديتم عليه. أجاب الفيل: وكيف؟ قالت (فيروز): اتبعني. فأوصلته (فيروز) إلى نبع عين القمر؛ فرأى صورة القمر منعكسة عليه في بهاء وإجلال؛ فشعر بالرهبة فقالت الأرنوبة: سوف تصاب بالعمى، فضحك ولم يصدق. ارتد الفيل واقفا، ومد خرطومه إلى الماء؛ فتحركت صفحة الماء، وتماوجت صورة القمر؛ فتراجع الفيل خائفاً، وترك الوادي هو وأصدقاؤه، وعادت الأرنوبة (فيروز) إلى أهلها وحملت البشرى إليهم، وعادوا جميعهم إلى واديهم.
عنوان الكتاب
سالم شمس الدين
رفعت عفيفي


كليلة وجليلة (حكايات جدتي)
لا يوجد بيانات