مقطع تحكي القصة أنه ذات يوم في زمن قديم، عاش رجل يدعى "الطمبوري" في مدينة عربية كبيرة، وكان مشهورا بالبخل الشديد رغم ثرائه الكبير والواسع، وكان الناس يسخرون من بخله ويضحكون من أفعاله، وكان هناك مسكينة تطلب منه أن يعطيها شيئا لتطعم أولادها الصغار فقال: من أين لي أن أعطيك شيئا؟ إني لا أملك ما أطعم به نفسي، وبعدما ذهبت قال في نفسه: لو أعطيتها مليما فسوف يأتي المتسولون من كل جانب. وبينما هو في الطريق رأى بائعا يحتاج إلى بيع بضاعته بسرعة ليعود إلى بلده، فقال الطمبوري للتاجر: الزجاجات قبيحة الشكل ولن يشتريها أحد، وبعد مساومة التاجر باع البضاعة بأقل مما تساويه، وبهذه الطريقة الخبيثة نجح الطمبوري في شراء الصفقة بأربع دنانير فقط، وفي أثناء جولته أيضاً رأى بائع عطور وكانت نيته خبيثة، فقال للتاجر: ما هذه الرائحة الكريهة؟ فرد التاجر وقال: ماذا تقول يا رجل؟ إنني أبيع أفضل العطور في السوق، فرد الطمبوري: هذا كلام تقوله للجهلاء أما أنا فخبير بالعطور، أنت حر فسوف يسمع الناس بهذه الأخبار ولن يشتري منك أحد بعد اليوم. فقال التاجر: إن سمعتي هي رأس مالي، خذ ما تريده وابتعد عني. وفي أحد الأيام، قرر الطمبوري أن يذهب إلى حمام المدينة العام، وبعد قليل خرج الطمبوري بعد أن تمتع بحمام طيب، فرأى حذاء وقال: ما أطيب قلب صديقي! لقد عز عليه أن أسير بحذاء قديم فترك حذاءه ليأخذ الحذاء الجديد، ومن سوء حظه أنه أخذ حذاء القاضي، فذهب الحراس وقبضوا على الطمبوري، وحكم القاضي عليه بمائة جلدة مع غرامة 100 دينار إلى بيت المال، وبعد انتهاء المائة جلدة أطلق الحراس سراحه، وقال الطمبوري: يا حذاء النحس، إن المائة جلدة لم تؤلمني كما آلمتني خسارة المائة دينار. وذهب ليتخلص من حذائه ورماه في الماء، وفي تلك المياه كان هناك رجل يصطاد السمك وعلق في شباكه حذاء الطمبوري، وقرر أن يسلمه إلى الطمبوري ، فطرق الباب ولم يفتح فرماه من النافذة فإذا به يسقط على الزجاجات الثمينة التي بداخلها العطور، فقال: يا حذاء النحس يا سبب المصائب، تحطمت ثروتي وأحلامي. ماذا أفعل بك؟ وقرر أن يحفر حفرة بجانب المنزل المجاور ليتخلص منه، وسمع صاحب المنزل المجاور صوتا فاتصل بالشرطة وحكم عليه القاضي بشهر كامل مع غرامة مائة دينار، وعندما انتهت المدة قرر الطمبوري التخلص من الحذاء ثانية، وذلك بوضعه فوق سطح المنزل، ومر نسر فوق سطح المنزل واعتقد النسر أن الحذاء طعام فأخذه ثم رماه من فوق سطح المنزل فسقط على رجل وذهب إلى القاضي يشتكي له، فحكم القاضي على الطمبوري بالسجن مدة شهر مع غرامة مائة دينار، وبعد انتهاء المدة ذهب إلى القاضي ليشتكي على القاضي ويتبرى من حذائه، ونام الطمبوري نوما عميقا بعد أن تخلص من مشكلته، فجاء الحذاء وقال له: إن كل ما فعلته معك هو جزاء بخلك. تذكّر معي؛ هل أطعمت مسكيناً أو أطعمت فقيرا؟ وهل تتعجب من ضياع ثروتك؟ هل تعاهدني على أن تصبح رجلا طيبا؟ أرسل الخليفة الحراس إلى بيت الطمبوري، وضحك الخليفة وقال له: قص علي ما جرى مع حذائك. وقص الطمبوري ما جرى له، فقال الخليفة للحراس: خذوه إلى بيت المال وأعطوه أضعاف ثروته.
عنوان الكتاب
رجاء عبد الله


البخل