مقطع قصة طريفة، يحكي فيها الجمل عن نفسه قائلا: طولي متران تقريبا، ووزني 3كجم، وبنظري فأنا جمل جميل. في السنة الثانية من عمري، ذهبت ـ وللمرة الأولى ـ في قافلة، ولم نكد نمشي بضعة أميال حتى أحسست بضيق؛ فخرجت من الصف، وبدأت أركض نحو الجنوب، بينما تتجه القافلة نحو الشمال، فلحقوا بي بحصان سريع، وأعادوني إلى القافلة. بعد تلك الحادثة توقفوا عن استخدامي في الأسفار، وظنوا أنني قد أنجح في إدارة النواعير؛ فساقوني إلى البئر، وعصبوا عيني، ووضعوا خشبة فوق عنقي، وأمروني أن أدور، فدرت دورتين، ثم انتابني الغضب؛ فرحت اقفز حتى انقطع الحبل، وركضت فتبعوني وأعادوني إلى القرية، ثم فكروا بأنني قد أنجح في حرث الحقول؛ فوصلوني بمجراف، وأمروني بالمشي فمشيت، لكني لم ألبث أن انزعجت؛ فرحت أقفز حتى تحررت وعدت مسرعا نحو الأفق. كنت في ظهيرة أحد الأيام مستلقيا، حتى جاء أحد الأولاد، وانهال علي ضربا دونما سبب ثم هرب. لم أستطع أن أنسى تلك الإهانة؛ فانتظرت حتى صباح اليوم التالي، حتى شاهدت الولد فلطمته بكفي، فوقع على الأرض، وراح يبكي؛ فغضب أصحابي واجتمعوا وقرروا بيعي؛ فقادوني إلى السوق، فمر تاجر برفقته ولد صغير، يحمل نايا ويعزف عليه لحنا جميلا، فرحت أتمايل، فنظر إلي وقال إنه جمل جميل! واستمر الولد ينفخ، ومكثت أتمايل، فغضب صاحبي، وضربني بعصاه؛ فقفزت من مكاني، وعدوت راكضا بأقصى سرعة، لم يدركني صاحبي إلا بعدما تعبت، وعادوا بي، فسمعت الابن يقول لأبيه: لم لا نشتري هذا الجمل؟ إنه يرقص ببراعة! فقال الأب: بل يركض ببراعة، فاشتراني بـخمسين دينارا، وعندما أصبحت مع صاحبي الجديد، تبدلت حياتي وظهرت عندي مواهب جديدة، لكن ذلك لم يكن يهمه، وما كان يهمه هو مهارتي في الركض، حيث أقام ـ بعد أسابيع ـ سباقا بيني وبين مجموعة من الجمال، وكنت أنطلق وأسبق الجميع. ثم جاء ذلك اليوم، الذي قادني فيه صاحبي إلى ميدان فسيح، فعلمت أنني سأشارك بسباق، فاحتشد مئات الأشخاص حولي، وحول صاحبي؛ يتحدثون فيما كنت سأنجح أم أفشل. والحقيقة أن ثقتي بنفسي كانت عالية. وعندما بدأ السباق، بدأت مجموعة من الجمال تسبقني؛ فجن جنوني؛ فاجتهدت وزدت سرعتي، حتى سبقت الجميع، وبلغت الخط الذي يحدد نهاية السباق، ثم جاء صاحبي وهو يمسح عرق جبيني وقال: كنت أعرف أنك جمل بطل! وراح بريق كاميرات التصوير يلمع. وشاهدت في اليوم التالي صوري، وكان كل من يشاهدني يقول: هذا هو الجمل البطل!
عنوان الكتاب
حسن عبد الله
إنطلاق محمد علي


قصص الحيوان
القصصية للفتيان والفتيات
لا يوجد بيانات